للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار]

وأما نقض دعواهم فيتلخص في الآتي:

أولًا: أن الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على خلاف ما قرّروه , وانضاف إلى تلك الدلائل الإجماع الذي سبق سَوْقُه. وقد جرى السَّلف -رحمهم الله -على زَبْر ذلك في مصنفاتهم (١)، والتنصيص عليه؛ فالخروج عن إجماعهم هلكه قاصمة , وشذوذ يوجب لصاحبه الهلاك.

ثانيًا: أن الاعتراض على وجودهما، وعدُّ ذلك من العبث الذي يجب على الله التنزه عنه: حَجْرٌ على الرب تبارك وتعالى في أفعاله , وسوء أدب يُنبئ عن قلةٍ في الدِّيانة , وذهول عن الفارق بين الخالق الحكيم , والمخلوق المتطبع بالجهل والظلم؛ فالله تعالى له الحكمة البالغة في أفعاله وأحكامه , وما عِلْمُ المخلوقِ إلا نزرٌ ضئيل مما وهبه الله إيَّاه من علمه الذي أحاط بكل شيء , فأنّى يصح القياس حينئذٍ؟ وكيف تجري أحكام العبيد على ربِّ العبيد؟

{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الزمر: ٦٧ {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣)} نوح.

ثالثًا: أن العقل لا يُحيل تحقق وجود الجنة والنار , وأنهما مخلوقتان الآن. وما زعموا من أنَّ وجودهما الآن، وتعطيلهما من


(١) انظر: "أصول السنة"لابن أبي زَمَنين (٣٤) ,"الحجة في بيان المحجة"للأصبهاني (٢/ ٤٦٣)،و "الشريعة" للآجُرِّي (٣/ ١٣٤٣).

<<  <   >  >>