للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأوَّل مفهوم المعارض العقلي المُدَّعى مُناقضته للنُّصوص الشرعية

المعارضُ العقلي مركَّبٌ تقييدي، يتحصَّل إدراكه بإدراك مُفْرديه:

فالمُعارِض: مُفَاعِل. أَصْلُ مادته من عَرَضَ. وهذه المادة تدور في اللِّسان على عِدَّةِ معانٍ؛ ترجع -مع كثرتها- إلى أَصلٍ واحدٍ؛ وهو: "العَرْض الذي يخالف الطُّول" (١) ومن معانيها التي لها عُلْقة بهذه المُقدِّمة = مَعْنيانِ، وهما: المَنْعُ، والمُقَابَلةُ. فالأوَّل، كقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا} البقرة: ٢٢٤ أي: لا تجعلوا الحَلِفَ بالله معترضًا مانعًا لكم أن تبرّوا. فالعُرْضَة هنا بمعنى: المعترض (٢) والمعنى الآخر فكقولك: عارضَ الشيءَ بالشيء مُعارَضةً أي: قَابَلَه. وعارضتُ كتابي بكتابه؛ أي: قابلته (٣).

ومن هذين المَعْنَيين يستمد "المُعارِض" معناه الاصطلاحي، والذي يُقصدُ به: تقابُل الدليلين على سبيل الممانعة والمُدَافَعَةِ (٤).

وأَمَّا مَفْهوم العقلِ في اللِّسان: فتدور مادته =على المنع والحبس والإمساك ومن ذلك: (عَقَلَ الدواءُ بطنَه يعقِله عقلًا = أمسكه)


(١) انظر: "مقاييس اللُّغة" لابن فارس (٤/ ٣٦٩)
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (١/ ٤٥٤)
(٣) انظر: "لسان العرب" (٤/ ٣٠٢) مادة (عرض)
(٤) انظر: "شرح الكوكب المنير" (٤/ ٦٠٥)

<<  <   >  >>