للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه: تسميةُ الدية عقلًا؛ (لأن القاتل كان يُكَلَّفُ أن يسوق الدِّية إلى فناء ورثة المقتول فيعقلها بالعُقُل ويسلمها إلى أوليائه) (١)

ويسمى عقل الإنسان عقلا. وهو مصدر: عقل يعقل عقلا ومعقولا فهو عاقل؛ لأَنَّه يمنع صاحبَه من التَّورُّط في المَهَالِك (٢)

وأَمَّا مفهومه في المواضعة و الاصطلاح: فيدور على مَعَانٍ، والذي يراد به في هذا المقام و يمتنع معارضته للدلائل النقليَّة =هو العقل الفِطري بمبادئه الأوليَّة التي فُطر عليها العقل الإنساني، والذي يحده النّظَّارُ والمتكلمون بأنَّه (عِبارةٌ عن جُمْلَةٍ من العلومِ مخْصوصَةٍ، متى حَصَلتْ في المُكلَّفِ صحَّ منه النظرُ، والاستدلالُ، والقيامُ بأداءِ ما كُلِّف منه) (٣)

وهذه المبادئ والعلوم يمكن رَدُّها إلى مبدأين:

الأول: مبدأ عدم التناقض. والذي يُراد به: امتناع أن يوجد الشيء، وأن لا يوجد؛ في نفس الوقت، ومن ذات الجهة.

المبدأ الآخر: مبدأ السببيّة. أو "السبب الكافي". ويقصد به: أن كلَّ ما يوجد فلا بُدَّ أَن يكون لوجوده سببٌ. (٤)

فهذان المبدآن يَتّسمان بالضرورة، والكُليَّة:

فأمَّا الضرورة فبمعنى: امتناع تصوُّر نقيضها، وامتناع البرهنة عليها؛ لكونها بيّنة لا تفتقر إلى برهانٍ، فهي أصل كل برهان.

وأما الكليّة فالمراد بها: انطباقها على كل وجود ذاتيّ، أو موضوعي (٥)


(١) انظر: " لسان العرب" ابن منظور (٤/ ٣٩٤ - ٣٩٦) مادة (ع ق ل)
(٢) انظر: "القاموس المحيط"للفيروز آبادي (١٣٣٦)
(٣) "المغني في أبواب العدل والتوحيد"للقاضي عبد الجبار (٣٧٥ - جزء التكليف)
(٤) انظر: "العقل والوجود" ليوسف كرم (١٣٨)
(٥) المصدر السابق (١٤٠)

<<  <   >  >>