للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الرُّؤيا:

ذهب طائفة من المتكلمين من المعتزلة وبعض الأشاعرة إلى أن الرُّؤيا خيالات باطلة؛ فأما المعتزلة فمستندهم في إنكار صحة الرُّؤيا = فَقْدُ شرائط الإدراك حال النوم. ويَعْنُون بهذه الشَّرائط: المقابلة، وانبعاث الشعاع، وتوسّط الهواء الشفاف .. إلى شرائط أُخَر عدّوها شرطًا لحصول الإدراك.

وأَمَّا من نَّفَاها من الأَشاعرة وغيرهم فمستندهم في نفي صحة الرُّؤيا = أمران:

الأول: دعوى الضرورة القاضية باستحالة اجتماع الضدين، ذلك أن الإدراك ضد النوم فلا يجامعه.

الثاني: أن حصول الإدراك أثناء النوم خلاف العادة التي أجراها الله.

وفي تقرير هذين المذهبين يقول صاحب المواقف: (أمّا الرُّؤيا فخيال باطل عند المتكلمين؛ أمّا عند المعتزلة؛ فَلِفَقْدِ شرائط الإدراك؛ من المقابلة، وانبثاث الشعاع، وتوسّط الهواء، والبنية المخصوصة. وأما عند الأصحاب إذا لم يشترطوا شيئًا من ذلك؛ فلأَنَّه خلاف العادة؛ ولأَنَّ النَّومَ ضدُ الإِدراك، فلا يجامعه، فلا تكون الرُّؤيا إدراكًا حقيقيًا؛ بل من قَبيل الخيال الباطل) (١).


(١) "المواقف" (٢/ ١٤٥ - مع شرحها للجرجاني).

<<  <   >  >>