المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المُتعلقة بالدجال:
الجواب عن المعارض الأول:
أمّا دعوى المخالف بأن أحاديث الدجّال تنافي حكمة إنذار القرآن الناسَ بقرب السَّاعة وإتيانها بغتة؛ فقد سَلَف بيان خطأ هذا القول في المبحث السابق، وما سبق يغني عن تكرار المقال.
أما المعارض الثاني، وهو دعواهم: أن هذه الأحاديث نَسَبت جملة من الخوارق للدجال تضاهي أكبر الآيات التي أيّد الله بها أولي العزم ... الخ.
فالجواب عن ذلك أن يقال: إنّ منشأ الخطأ عند هؤلاء يرجع إلى إغفال أمرين:
الأمر الأول: النظر في حقيقة دعوى الدجال التي يدّعيها لنفسه.
الأمر الثاني: النظر في ما اقترن بالدجال من أحوال وصفات؛ تبرهن على حقيقة أمره، وتكشف عن زيف دعواه.
فأمَّا الأَمْرُ الأَوَّلُ: فإنَّ دعوى الدجّال التي تصحبها تلك الخوارق = هي دعوى الربوبية، لا النبوّة والرسالة. وعلى هذا؛ فاقتران هذه الخوارق بدعواه، ومضاهاتها لآيات الأنبياء ليست مثار إشكال؛ لكونه لم يدّع الرسالة حتى يقال: إن هذه الخوارق معجزات وآيات قامت مقام تصديق الله له.
فإن قيل: إنّ بادئ أمر دعواه الصلاح، ثم الرسالة، فيقال: ظاهر ما دلّت عليه الأحاديث أنّ هذه الخوارق تظهر بعد دعواه الربوبية؛ لا قبل ذلك. ثمّ لو جُوِّز ظهورها قبل ذلك في حال دعواه الرسالة؛ فإنه لم ينفكّ عن الدلائل والسمات التي تعارض صدق دعواه المقترنة بتلك الخوارق، وهو ما أُشير إليه في: