للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: «بال الشيطان في أُذُنه»

محصل ما أورد على هذا الحديث من المعارضات = معارضان:

المعارض الأوَّل: أَن هذا الحديث مخالف للضرورة الحسية.

المعارض الثاني: أَن في إسنادِ هذا الفِعل إلى الشيطان إثباتًا لقدرةٍ تفُوق قدرة الملائكة، وأولياء الله، وأنبيائه.

وممن انتحل كِبَر هاتين الشبهتين " إمام حنفي ". وفي تقريرهما يقول: «وفي طبيعة ما يفعله الشيطان؛ اختلف العلماء: هل يفعله على الحقيقة أم على المجاز؟ فمن قال: إنه على حقيقته؛ لم ير في ذلك مانعًا؛ إذ لا إحالة فيه؛ لأنه ثبت أن الشيطان، يأكل، ويشرب، وينكح؛ فلا مانع أن يبول = وهذا الرأي مردود على صاحبه - وهو القرطبي - بأنه: من أَين لك أن الشيطان، يأكل، ويشرب؟ وإذا ثبت لك ذلك بنص قرآن، أو رواية حديث = فهل يصحُّ القياس عليهما في البول؟! .. أوَلا يجوز على من وصفتموه بخوارق العادات أن لا يبول أو ينكح؟ .. وبوله ونكاحه من الأمور الحسّية؛ فهل وجدت أحدًا جاءك ببول شيطان، أو شاهد نكاحه؟ .. ومن ينكح؟! .. إنّ مَن ذهب إلى حقيقة هذا الفعل أَغربَ وأبعدَ، ونسب للشيطان قدراتٍ تفوق قدراتِ الملائكة الحفَظَة والمقرّبين، وأولياءِ الله، وأنبيائه. وكلّ من أَطاعه، وعدا قدْره؛ فنسب له قدراتٍ على الفعل هي لله الواحد القادر، ودخل في حساب عويصٍ من الشرك، والجبْر، وقدح في توحيده. ومن يؤمن بهذا الكلام على حقيقته؛ يؤمن بكل شيءٍ. ولا دين له أصلًا ولا عقيدة ... » (١).


(١) " إبليس في التصور الإسلامي " (٧٨).

<<  <   >  >>