التوسع في اللُّغة؛ حيث قال:( .. وذكر فيه بول الشيطان في أُذنه؛ أي: فَعَل به أقبح ما يُفعل بالنُّوّام = وليس ذلك على حقيقة البول منه في أُذُنه، ولكن على المَثَل والاستعارة في المعنى .. )(١) = لم ينصب عليه برهانًا، وليس في السِّياق ما يعضده هذا من جهة.
ومن جهة أخرى؛ فإن حمْل - رحمه الله - للبول المضاف إلى الشيطان على الاستعارة، والمَثَل؛ دون ذِكْر القرينة التي تكشف عن مُرادِ المُتكلِّم = يلزم منه أَن طْرد ذلك في الدلائل الأخرى التي أَضافت إلى الشيطان الضحك، والأكل، .. الخ
فإن التزمه - رحمه الله - ولا إخاله كان يَفْعل - فلا رَيْب في بطلان ذلك الالتزام. وإلا فيلزم في هذا الحديث حمله على ظاهره كما التزمه - رحمه الله - هو في غيره.
ولو ادّعى مُدّعٍ قيام قرينةٍ عند الإمام الطحاوي لم يُبْدها أَثناء تقريره = للزم من ذلك تصحيح كل تأويلٍ لم يُقِم صاحبُه عليه دليلًا؛ لإمكان قيامها عنده مع عدم كشفه عنها؛ وهذا قول لا أحد يُعظِّم الأدلة ويقدر لها قدرها يلفظ به.
فإن قيل: هذا عين الجمود على الظاهر؛ لاحتمال جريان الخطاب الشرعي على سنن العَرَب في التَوسّع في الاستعمال.
الجواب عن هذا الإيراد، أن يقال: إِنما يصح إطلاق الجمود في حال ما لو أَقام الشارعُ قرينةً في خطابه تُبيْنُ عن مراده، وتكشف عن مقصوده = ثم لم يَرْعها الناظر في كلامه. أَمَّا مع تخلية المقام من القرائن التي توجب الانتقال من هذا الظاهر إلى غيره = فلا جمود حينئذٍ؛ بل صيانةٌ لكلام الشارع.