المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الإسراء والمعراج.
تتلخّص هذه المعارضات في التالي:
الأول: أن الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس، ومِن ثَمّ العروج به إلى السماء؛ كلّ ذلك في ليلة واحدة =مما يحيله العقل؛ لأن العادة جَرَتْ أنّ هذه المسافات لا تُقطَع إلا في سنةٍ، أو أشهرٍ في أقلِّ تقدير.
الثاني: أنّ الجسم الكثيف يستحيل عليه صعودُه من الأرض إلى أعالي السماء.
الثالث: أنّه من المقرَّر فلكيًّا: أن الهواء يُفقَد بعد أميالٍ فوق الأرض؛ وعلى هذا فلا يتأتّى العيشُ لأحدٍ بعد انقطاع الهواء.
الرابع: أنّ إثبات الحديث يلزم منه إضافة الجهل لله تعالى؛ ذلك أنه جاء في الحديث: أن الله بعد أن فرض على نبيّه - صلى الله عليه وسلم - خمسين صلاةً، لم يفقهْ استحالة أدائها على البشر إلا موسى عليه السلام = وكأنّ الله لا يعلمُ بقُدرة عباده، ومدى تحمُّلِهم!
الخامس: أن في خبر عروجه - صلى الله عليه وسلم - ما هو مخالِفٌ لمقتضى الضرورة العقلية؛ إذ كيف يصلّي بالأنبياء في بيت المقدس، ويكونون في الوقت نفسه في السماء، ويكون أيضًا موسى عليه السلام يصلّي في قبره؟ (١)
فهذه جملة مما ولّده المخالفون من الاعتراضات لدفع صحّة هذا الحديث.