للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: سوق حديث الجساسة]

عن عَامِرُ بن شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ -أُخْتَ الضَّحَّاكِ بن قَيْسٍ - وَكَانَتْ من الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ. فقال: حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِهِ من رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لا تُسْنِدِيهِ إلى أَحَدٍ غَيْرِهِ.

فقالت: لَئِنْ شِئْتَ لأَفْعَلَنَّ.

فقال لها: أَجَلْ؛ حَدِّثِينِي. - فذَكرتْ قصَّةَ تأَيُّمِها من زوجِها، واعتدادها عند ابن أم مكتوم، ثم قالت: - فلما انْقَضَتْ عِدَّتِي سمعت نِدَاءَ الْمُنَادِي مُنَادِي رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنَادِي: الصَّلاةَ جَامِعَةً، فَخَرَجْتُ إلى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكُنْتُ في صَفِّ النِّسَاءِ التي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ، فلما قَضَى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاتَهُ جَلَسَ على الْمِنْبَرِ وهو يَضْحَكُ، فقال: (لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ) ثُمَّ قال: (أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟) قالوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال: (إني والله ما جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ ولا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كان رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ، وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الذي كنت أُحَدِّثُكُمْ عن مَسِيحِ الدَّجَّالِ: حدثني أَنَّهُ رَكِبَ في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مع ثَلاثِينَ رَجُلًا من لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمْ الْمَوْجُ شَهْرًا في الْبَحْرِ، ثُمَّ أرفؤوا (١) إلى جَزِيرَةٍ في الْبَحْرِ حتى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا في أَقْرُبْ (٢) السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا


(١) "أرفؤوا": أَرْفَأْتَ السفينةَ: إذا قرّبتها من الشط. والموضع الذي تشد فيه المرفأ. انظر"النهاية في غريب الحديث" (٣٦٦).
(٢) "أَقْرُب"- بضم الراء -: سفن صغار تكون مع السفن الكبار كالجنائب لها، يتصرّف فيها الركاء لقضاء حوائجهم. واحدها: قارَب، وجمعه: قوارب. وأمّا أقرب فهو صحيح؛ ولكنه خلاف القياس. وقيل: أقرُب السفينة: أدانيها، وما قارَب الأرضَ منها."شرح النووي على صحيح مسلم" (١٨/ ٨١) ..

<<  <   >  >>