للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ (١) كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يَدْرُونَ ما قُبُلُهُ من دُبُرِهِ من كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ! ما أَنْتِ؟

فقالت: أنا الْجَسَّاسَةُ.

قالوا: وما الْجَسَّاسَةُ؟

قالت: أَيُّهَا الْقَوْمُ! انْطَلِقُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ؛ فإنه إلى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ.

قال: لَمَّا سَمَّتْ لنا رَجُلًا؛ فَرِقْنَا منها أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً.

قال: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حتى دَخَلْنَا الدَّيْرَ؛ فإذا فيه أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إلى عُنُقِهِ ما بين رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ.

قُلْنَا: وَيْلَكَ! ما أنت؟

قال: قد قَدَرْتُمْ على خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي: ما أَنْتُمْ؟

قالوا: نَحْنُ أُنَاسٌ من الْعَرَبِ رَكِبْنَا في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حين اغْتَلَمَ، فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إلى جَزِيرَتِكَ هذه، فَجَلَسْنَا في أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لا يُدرَى ما قُبُلُهُ من دُبُرِهِ من كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ! ما أَنْتِ؟

فقالت: أنا الْجَسَّاسَةُ.

قُلْنَا: وما الْجَسَّاسَةُ؟

قالت: اعْمِدُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ (٢)؛ فإنه إلى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ.


(١) "أهلب": أي كثيرة الشعر، ذَكَّر الصِّفَة لأنَّ الدَّابَّة تَقَعُ على الذَّكَر والأنْثَى."النهاية في غريب الحديث" (٥/ ٦٢٥)
(٢) الدَّير": خانُ النصارى جمعه: أدْيارٌ، انظر"القاموس المحيط" (٥٠٦).

<<  <   >  >>