للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث الجسّاسة:

مما أورده الطاعنون في هذا الحديث من المعارضات؛ لردّه = ما يلي:

الأول: أن الحسّ يقضي بعدم صحة هذا الحديث.

وبيان ذلك: أن الجزيرة التي رفأ إليها تميم - رضي الله عنه - وأصحابه بسفينتهم؛ إمّا أنها في بحر الشام، أو بحر اليمن؛ كما في اللفظ المرفوع - إنْ صحّ الحديث -. وكلٌّ من البحرين قد مسَحَه علماء البحار في هذه الأزمنة مسحًا = فلو صحّ وجود هذه الجزيرة، ووجود الدجّال فيها = لتوافرت هممهم على نقل ذلك، ولعرفه الناس.

وفي تقرير هذا المعارض؛ يقول محمد رشيد رضا؛ مستفهمًا: (أين هذه الجزيرة التي رفأ إليها تميم وأصحابه في سفينتهم؟ إنها في بحر الشام، أو بحر اليمن؛ كما في اللفظ المرفوع - إنْ صحّ الحديث -؛ أي: في الجهة المقابلة لسواحل سورية من البحر المتوسط، أو الجهة المجاورة لشواطئ اليمن من البحر الأحمر = وكلٌّ من البحرين قد مَسَحه البحّارة في هذه الأزمنة مسْحًا، وجابوا سطحهما طولًا وعرضا، وقاسوا مياههما عُمقًا عُمقًا، وعرفوا جزائرهما فردًا فردًا؛ فلو كان في أحدهما جزيرةٌ فيها دير، أو قصرٌ حُبس فيه الدجال، وله جسّاسة فيها تقابل الناس، وتنقل إليه الأخبار = لعرف ذلك كلَّه كلُّ الناس) (١).

ويقول أبو ريّة: (لعلّ علماء الجغرافيا يبحثون عن هذه الجزيرة، ويعرفون أين مكانها من البحر! ثم يخبروننا؛ حتى نرى ما فيها من


(١) "تفسير المنار" (٩/ ٤٩٤).

<<  <   >  >>