[المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك - رضي الله عنه - "]
ما استرْوح إليه " هيكل " مخالِفٌ تمام المخالفة لما دلّ عليه الحديث. والمُلجِئُ إلى ذلك فرارُه من إثبات المعجزات؛ للأسباب التي تقدّم بيانُها. لذلك عمد إلى تخلية الحديث من معنى الإعجاز الذي فهمه سراقة - رضي الله عنه -، ثم أخذ في نسْج قصة توافق اعتقاده؛ فما جرى لفرس سراقة - حسب زعمه - مجرد كبوة قد جرتْ له من قبلُ مرّتين!!
وسبب امتناعه عن القبض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه - في ظنّ هيكل - هو تطيُّر سراقة بهذه الكبوة التي حدثتْ لفرسه!
وهذا الذي ذكره، أتى به من كِيْسِه؛ وإلاّ فليس في الحديث ما يدلّ على أنّ ما جرى لفرس سراقة كان مجرّد كبوة!، ولا أنّ سبب رجوعه عن تحقيق المهمة التي رصدتْ قريشٌ لمن يقوم بها الجوائزَ الكريمة=هو ما أُلْقي في رُوعه. فكلّ ذلك محضُ تقوُّلٍ.
ذلك: أن فرس سراقة لمّا غاصت يداها في الأرض؛ كما روى - رضي الله عنه - هو ذلك:(ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تُخرِج يديها ... ) لم يكن ذلك مجرد كبوة؛ كان ذلك إجابة من الله تعالى لدعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وآيةً وعلامةً لسراقة على امتناع لحوق ضرر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. ودليلُ ذلك: رواية البراء - رضي الله عنه -؛ حيث قال:(لمّا أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم، فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فساخت فرسه)(١)