قَصْدُ تنزيه الشَّريعَةِ عن مُنَاقَضة الضرورة العقلية في الجملة = واقعٌ لهم بالقصد الأول. والإلحادُ في النُّصوص والجنايةُ عليها ليس مرادًا لهم؛ بل وقع نتيجة لانحرافهم في التنظير = وأَمَّا الأخرى. أعني: طائفة العلمانيين - فإنَّ الإلحاد في النصوص، والجناية عليها، والكفر بمصدرها = واقع بالقصد الأول لهم.
القضيَّة الرابعة: أنَّ قبولَ ما دلَّت عليه ظواهر الأخبار بالمعني الذي سبق تحرير معالمه = يُعدُّ فحولةً فكريةً، وعِصمةً شرعيَّةً، وسابلةً لا ينتهجها إلا الراسخون في العلم، الذين انعقدت قلوبهم على يقينٍ بصدقِ ما دلَّت عليه السُّنن. وأمَّا التمحُّل عن الظواهر؛ بالاعتساف في تأويلها، واستنطاقها ما لم تدلَّ عليه، أو ردُّها = فمَهْيَعُ العجَزَةِ؛ مِمَّن كلَّت أفهامُهم، وعَشِيتْ أبصارُهم عن دَرْكِ المقاصد النَّبويَّةِ.
القضيَّة الخامسة: أَنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعة لا ينفُون وقوعَ المحارةِ في الأفهام، والاستشكال لبعض ما دلَّت عليه النُّصوص؛ وإنَّما الذي يأْبَونَهُ: تَرتيب التَّسارُع في الإبطال لتلك الدَّلائل على انقداح الاستشكال. والبَونُ بين النَّهجين واضحٌ.
القضيَّة السَّادسة: أَنَّ ما يقع من بعض أهل العلم المنتسبين للسُّنَّة والجماعة من رَدٍّ لبعض الأحاديث، أو تأويلها = ليس منهجًا مطَّرِدًا، وليس مَبنِيًّا - في أكثر ذلك على إحالة عقليَّةٍ؛ وإنَّما يعتقد النَّاظِرُ منهم في الدَّليل المُعيَّن مخالفته لما هو أقوى منه من الدَّلائل النَّقلية الأخرى، أو الكُليَّات الشرعيَّة، فيأخذ بالأقوى من الدَّلائل بحسب ما استبان له. أو يكون مَردُّ الخطأ عنده نابعًا من تقصيرٍ في تحقيق: مناط الحديث؛ فيلتبس على من لم يعلم مدْركَه = التحقيق: بالتَّأويل.
نعم؛ قد يقع التَّصريح من بعض العلماء بأن مَأْخذ الردِّ مخالَفةُ الحديث لدلالة عقليَّةٍ قاطعةٍ، لكن ردُّ الأحاديث بهذا المأخذ - لندور