وقوعه من المنتسبين للسُّنَّة والجماعة - لا يمكن أن يُعدَّ قانونًا مَنْظومًا من كُلِّيات منهج أَهل السُّنَّةِ والجماعة، ولا يُعرف الردُّ بهذا المسْلك عن أئمة أهل السُّنَّة، وإنَّما وقع من بعض المتأخِّرين من أهل العلم. والردُّ بهذا المسْلك أصالةً = لا يكون إِلَّا غَلَطًا مَحْضًا، وعُدولًا عن السَّنِن الأَبْيَنِ الذي سار عليه أهل السُّنَّة والجماعة.
وعليه فإنَّ هذه المنقولات عن أعيان أهل العلم المُنْتَسبين للسُّنَّةِ والجماعة التي تَرِدُ مشاغبة لما اسْتقرَّ عليه الإجماعُ، أو دَلَّت عليه النُّصوص، والتي يتقاطع فيها قولُ من عُلمت إمامته في الدِّين بقولِ أَصناف المبتدعة؛ فيقع الاتفاق في النتيجة أَو لوازمها، ويقع الافتراق في الأصل المعرفي المنطلق منه = تستلزمُ من النَّاظر أمورًا:
الأول: تحقيق: نِسْبَةِ القول إلى قائله.
الثَّاني: بيان مأْخذ المخالفة.
الثالث: بيان الاختلاف في المقاصد عند التوافق الجزئي؛ لدفع مَعرَّة التوافق الكُلِّي.
الرابع: بيان الحق في المسألة، وحصول المخالفة ممن ينتسب للسُّنَّة لا يستلزم ترك الحق البينِّ لقوله؛ فإنَّ الحقَّ لا يُترك للباطل، وأَيضًا لا تدعو إلى كتمان المخالفة والصدع بمناقضتها للدَّلائل الشرعيَّة.
القضيَّة السَّابعة: أنَّ المتأمل في جملة المسائل العقديَّة التي قرَّرتها السُّنَّة والتي خاض المخالفون لأهل السُّنَّة فيها بغير مستندٍ شرعيٍّ = يجد السُّنَّة لم تنفرد بالدلالة عليها؛ بل اشتركت الدَّلائل القرآنية، والإجماع القطعي في تثبيتها؛ فيتحصَّلُ عندئذٍ بُطلان دعوى المخالفين والمبطلين لتلك الأحاديث، بحجة أنها أخبارُ آحاد. وقد سبقت البرهنة على حُجِّية خبر الآحا، وإفادتِه عند التجرُّد من القرائن = الحقَّ في الظَّاهِرِ.