والتقصير إلى أنفسهم لمَّا لم يقع منهم التحرُّز من الكذب ابتداء وإن كان الواقع منهم في ذات الله تعالي.
ومنها: ما هو من باب التورية والمعاريض، وليست كذًا محضًا؛ كقوله - عليه السلام -: {إني سقيم}، وقوله: إن سارة أخته، فالكذب فيهما من جهةٍ إيهام السامع بخلاف قصده، وهو كَذبٌ ممدوح منه لا مذموم لما انبني عليه من المصالح ودَفْع المفاسد هذا أولًا.
وثانيًا: لكونه هو المتعيِّن في تلك المقامات من جهة أنه لا سبيل إلى تحقق تلك المصالح التي من أعظمها ما تعلَّق بالضروريات الخمس = إِلَّا من جهة ما اختاره له - عليه السلام - التورية.
وهي أيضًا صدق لما قصده وأراده - عليه السلام - من كلماته، من المعاني المطابقة للواقع. وبذا تتسق الأدلة ولا تتعارض.
وقد طعن طائفةٌ في هذا الحديث، بعلل عليلة لا تنهضُ لردِّ ما ثبت وصحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وممن طعن في هذا الحديث من المتقدِّمين: الرازي، ومن المتأخرين: الموردي.
وسيأتي - إن شاء الله - سوق طعونهما في هذا الحديث في المطلب التالي.