للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن رضيتَ أن تكون مثلهم فَكُنْ، وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أَولى من طريقة أبي بكر وعمر = فبئس ما رأيتَ) (١) .

وقال نوحٌ الجامع: قلتُ لأبي حنيفة - رحمه الله -: ما تقول فيما أحدث الناسُ من الكلام في الأعراض والأجسام؟ فقال: مقالاتُ الفلاسفة، عليك بالأثر، وطريقة السلف، وإياك كلّ محدثة، فإنها بِدعَة) (٢) .

فدليلُ الأعراض دليلٌ بِدْعيٌّ لا يُعوَّل عليه في مِثْل هذه المطالب. وبدعية هذا الدليل لا لكونه اشتمل على ألفاظٍ مُحدثةٍ فحسْب؛ (بل لأن المعاني التي يعبّرون عنها بهذه العبارات فيها من الباطل المذموم في الأدلة والأحكام ما يجبُ النهي عنه؛ لاشتمال هذه الألفاظ على معاني مجملة في النفي والإثبات ... فإنه لا يوجد في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من الصحابة والتابعين، ولا أحد من الأئمة المتبوعين أنّه علّق بمسمّى لفظ " الجوهر " و ... " العَرَض "، ونحو ذلك شيئًا من أصول الدين؛ لا الدّلائل، ولا المسائل) (٣) .

فدليلُ الأعراض دليل مركّب من أغاليط ومشتبهات لا يُوصِل المستدِل به إلى طِلَبتِه؛ إلاّ بعد مضائق ومسالكَ ينقطع دونها الأذكياء، فضلًا عن غيرهم.

فإذا استبان بطلان هذا الدليل = استبان لنا أيضًا بُطلان لوازمه؛ ومنها:

ثانيًا: قولهم: إن الأعراضَ لا تُوْزَن؛ لأن ذلك يستلزم - عندهم - أن تقوم بنفْسها، وهذا عند طوائف المتكلمين ممتنع؛ حتى قال التفتازاني: (الضرورة قاضية بأن العرض لا يقوم بنفسه) (٤) .


(١) "ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب (١/ ٣٣٧) .
(٢) "ذم التأويل " للإمام ابن قدامة (٢٤٥) .
(٣) "مجموع الفتاوى" (٣/ ٣٠٧) .
(٤) "شرح المقاصد" (٢/ ١٥٠) .

<<  <   >  >>