للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُخالفُ العقل والأدلة العقليَّة) (١)

وأَمَّا القضيَّة الثالثة: فتحرير القول فيها أن يقال: إنَّ النَّظر العقلي الذي أعمله الصحابة حين نظرهم في النُّصوص = نَظرٌ وظيفيٌّ أي أنّهم وقع منهم في وقائع محدودة توظيف العقل المستند إلى الدلائل النقلية الأخرى في معارضة خبر من الأخبار، فتكون المعارضة في واقع الأمر بين دليلين نقليين، لا بين نظر عقليٍّ محض ودليل نقلي.

وأمَّا ما شَغبَ به أَهل الأهواءِ على أَهل السُّنّةِ من استدلالهم ببعض المروي عن الصحابةِ في توقفهم في قبول بعض ما يروى لهم من حديثه - صلى الله عليه وسلم -،أَو ردِّه-في زعمهم- بناءً على معارضة العقل له. جاعلين مما يُروى على وجه الخصوص عن أُمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها - تكأةً فيما يَردُّون من النُّصوص بحجَّة التأسِّي بهم في ذلك (٢)، في محاولةٍ يائسةٍ لنَقضِ ما قعّده أهل السُّنّة مِن أُصول متينة تقضي بانتفاء معارضة العقل للنَّقل، وأَن المتقرر عند السَّلف هو التسليم المؤسَّسُ على العقل لما جاء عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بعد ثُبوته عنه - صلى الله عليه وسلم - وَفْق قواعد الصِّناعة الحديثية=فليس فيما أوردوه ما يحقق لهم مقصودهم، لأنّه لا يخرج عما حرر من قبل من أنَّ النظر المستعمل لديهم هو نظر مُركَّبٌ من الدلائل النقلية أصالة.

والاستدلال بما ساقه الزركشي في كتابه "الإجابة" من استدراكات أُمِّ المؤمنين -رضي الله عنها - لايُسْعِف أَصحابه فيما يرومون التأثيل له، وذلك ... للآتي:


(١) "بيان تلبيس الجهميَّة"للإمام ابن تيميَّة (٨/ ٥٢٦)
(٢) انظر أمثلةً لاستدلال أتباع المدرسة العصرية المتمعقلة على الأدلّة الشرعية بما يروى عن عائشة رضي الله عنها": أضواء على السُّنّة النبوية"لمحمود أبي رية (٢٠٠،٧٥)،وكذا مقدمة الكتاب السابق لطه حسين (١٠)، و"السُّنَّة النبويَّة بين أهل الفقه والحديث"للشيخ محمد الغزالي (٢١)،و"مشكلة الحديث"لمحمد يحي (١٥٨،١٤٨)

<<  <   >  >>