للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أَنّ ما ساقه الإمام الزركشي (١) مما يروى عن عائشة -رضي الله عنها- ليس واقعًا كلَّه موقع القبول من جهة صحة ما يُعزى إِليها مما ساقه الزركشي -رحمه الله- بل فيه المقبول إِسنادًا، وفيه غير ذلكِ (٢)

٢ - أَنَّ الوارد من صنيعها وصنيع غيرها من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قلَّته - لا يعدو أَن يكون من قَبيل المُتشابه من قولهم وفعلهم الَّذي يُفسَّرُ في ضوء المُحكم من أَقوالهم التي تدلُّ على تعظيم شأن ما ثَبَت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،والاستقراء دالٌّ على صدق ذلك.

وحتى لا يعدو ماقُرِّر سابقًا =دعوى ليس لها وقائع تُصدِّقها، وأَمثلةٌ توطدها =أُوردُ أمثلة تُبينُ عمّا سبق، وتكون دليلًا على نظَائرهِا:

° المثال الأوّل:

ما ورد عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَن غَسَّل ميتًا اغتسلَ، ومن حمَلَه توضأ) (٣) .


(١) الزركشي (٧٤٥ - ٧٩٤ هـ):هو محمد بن بهادر بن عبدالله المِصري، بدر الدين أبو عبدالله الزَّركشي الشَّافعي إمام متفنن مُحرِّر كثير التصنيف، من تآليفه: "البحر المحيط"،و"لقطة العجلان وبلّة الظمآن"=انظر: "شذرات الذهب" (٨/ ٥٧٢)
(٢) انظر: "منهج النقد عند المُحدِّثين " للدكتور محمد مصطفى الأَعظمي (٧٧)
(٣) أخرجه أَبو داود في "السُنن"،كتاب "الجنائز" باب "في غسل الميت " (٣/ ٣٣٣ - ٣٣٤ رقم [٣١٦١])،و الترمذي في سننه كتاب"الجنائز"،باب"ما جاء في الغُسْل من غُسل الميت " (٣/ ٣١٨ - رقم [٩٩٣]) وحسّنه، وكذا حسنه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ١٤٤)، وقوَّاه الحافظ الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير" (١/ ٣٠١)،وصححه ابن حزم في المحلى (٢/ ٢٥)،وابن حبّان في "صحيحه" (٣/ ٤٣٥ - الإحسان) وابن دقيق العيد كما في "الإمام" (٢/ ٣٧٢)،و الألباني في الإرواء (١/ ١٧٣)،،واستقصى طرقه كل من ابن دقيق العيد، وابن الملقن في "البدر المنير" (٢/ ٥٢٤)، والإمام ابنُ القيِّم في "تهذيب سنن أبي داود " (٤/ ٣٠٦)،ونقل البخاري عن الإمامين أحمدبن حنبل وعلي بن المديني أنهما قالا: لا يصح في هذا الباب شيء، انظر: "العلل الكبير"للترمذي (١/ ٤٠٢)، وكذا روى= =البيهقي في السنن الكبرى (١/ ٣٠٢) عن أبي بكرٍ المُطرِّز قال سمعت محمد بن يحي [يعني الذهلي] يقول: لا أعلم في "من غسل ميتاً"=حديثاً ثابتاً "، وقال ابن المنذر: ليس في الباب حديثٌ يثبت، كما نقله عنه الحافظ في التلخيص (١/ ١٤٥)،ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه قوله في الحديث: قال أبي: هذا خطأٌ؛ إنّما هو موقوفٌ على أبي هريرة، لا يرفعه الثِّقات =العلل (٨٠١) وقد تابعه على ذلك البيهقي في"السنن الكبرى" (١/ ٣٠٧) والنووي في المجموع (٥/ ١٤٤)،إذ صححا وقفه على أبي هريرةوالراجح -والله أعلم- هو ما ذهب إليه الأئمة النُّقاد من عدم ثبوت شيءٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب

<<  <   >  >>