للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمّا أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة رجل يكلّمه ويسمعه (١) -. وكذلك حديث موسى عليه السلام لمّا جاءه مَلَك الموت، فقال له: أَجِب ربّك. فلطم موسى عليه السلامُ عينَ مَلَكِ الموتِ، ففقأَها .. ) (٢)

قال أبو العباس القرطبي - رحمه الله -: (قد تقدّم القولُ في تَمثُّل الملائكة في الصور المختلفة، وأنّ لهم في أنفسهم صورًا خلقهم الله تعالى عليها، وأنّ الإيمان بذلك كُلِّه واجبٌ؛ لما دَلّ عليه السمع الصادق .. ) (٣) .

وبهذا يتضح شَغَفُ " بسّام الجمل" وأضرابِهِ (٤) بالمغالطات، ومجابَهة الحقائق بمِعْول التشكيك. ولا ريب أنّ التشكيك صَنْعةُ مَنْ أفلسَ عن إقامة البراهين على بُطلان حقيقةٍ ما.

والدَّافع لأمثال هؤلاء في الوقوع في حمْأة المغالطات، وإنْكار البدهيّات وقوعهم في التبعيَّةِ العمياء لمنهج المدرسة الاستشراقية التي اتّخذت من التشكيك وتثوير المغالَطات أداةً لتقويض ما ثبت بالدلائل الشرعيّة، ولو أدّى ذلك إلى الخروج إلى مخالفة العقل نفسِه.

وفي مثل هؤلاء المقلّدين يقول ابن تيمية - رحمه الله -: ( ... وأقوامٌ يدّعون أنهم يعرفون العلوم العقلية، وأنها قد تخالف الشريعة. وهم من أجهل الناس بالعقليات والشرعيات. وأكثر ما عندهم من العقليّات أمورٌ قلّدوا مَنْ قالها؛ لو سُئلوا عن دليل عقليٍّ يدلّ عليها لعجزوا عن بيانه، والجواب عمّا يعارضه.


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) "المفهِم" (٦/ ٣٥٩) .
(٤) انظر - مثلًا -: "موسوعة أساطير العرب" لمحمد عجينة. حيث عَقَد مبْحَثًا وَسَمَهُ بـ"الجنّ والملائكة والشيطان في الأساطير الدينية". ثمّ عَدّ من ذلك: الأساطير المتعلقة بالملائكة، وكونها أجسامًا لطيفة قادرة على التشكّل (ص ٤٠٣) ووجود إسرافيل، وجبريل، وميكائيل (ص ٤٠٣) ثم خلط ما صحّ وروده وثبت في الملائكة بما لم يقم عليه دليل؛ وإنما هو من الخرافات والأساطير؛ إيهامًا وتلبيسًا بأن الجميع من بابَةٍ واحدةٍ. انظر: (٤٠٤ - ٤٠٦) .

<<  <   >  >>