للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمّ؛ من العجائب: أنّهم يتركون اتّباع الرسل المعصومين، الذين لا يقولون إلا الحقّ، ويُعرِضون عن تقليدهم، ثم يقلّدون في مخالفة ما جاءوا به: مَنْ يعلمون أنه ليس بمعصوم، وأنه قد يُخطئ تارةً، ويصيبُ أخرى) (١) .

ولا يصلح في باب تقريب المسائل العلمية إلاّ أن تُقام الحقائق على سُوق الدليل، وحَيْثُ عُدِم، فلا التفات إلى مجرّد الاستبعاد، والإحالة.

وممّن نازَع أيضًا في إثبات الملائكة = الفلاسفة. حيث عدّوها "رَوْحانيات"، أو "قوى نفسانية" أو "عقولًا". أي: أنها أعراضٌ ليست بأجسام؛ كما نطقت بذلك الأدلّة. وهذا -كما تراه- بيِّنٌ في "رسائل إخوان الصفا". وفي ذلك يقولون: (الملائكة الموصوفون بهذه الصفات، المنسوبون إلى هذه الدرجات ... منهم تُشرِق القوة النفسانية، وبهم تضيء القوة العقلية. فهم إذن أشخاصهم نفسانية، وأرواحهم عقلية، وموادّهم إلهية. فهم لا يضيق بهم المكان، ولا يغيّرهم طول الزمان عن أفعالهم، والمكان عن كيانهم) (٢) .

وقالو أيضًا: (واعلم أيها الأخ؛ أنه ينحطّ من دائرة الشَّمس إلى عالَم الأرض دائرة لموضع ملائكة تسميها الحكماء: روحانيّات .. ) (٣) .

وهذه الروحانيات هي المعبَّر عنها بـ"العقول العشرة". وهي ليست أَجسامًا، ولا في أجسام.

قال " الفارابي": (المبادئ التي بها قوام هذه الأجسام والأعراض ... لها ستّ مراتب عظمى؛ كلّ مرتبة منها تحوزُ صنفًا منها: السبب الأول في المرتبة الأولى، الأسباب الثواني في المرتبة الثانية،


(١) " الرد على المنطقيين" (٢٧٣ - ٢٧٤) .
(٢) " رسائل إخوان الصفا" (٤/ ٢١٦) .
(٣) المصدر السابق (٤/ ٢١٧) .

<<  <   >  >>