للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقسطلاني (١)، وابن عطية الأندلسي (٢)، وابن تيمية (٣)، وابن القيم (٤)، والطوفي (٥)، وغيرهم.

وقد أجابوا عن وجه تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - لها "كذبات"، بأن قالوا: للكلام نسْبتان:

- نسبة إلى قصد المتكلم وإرادتِهِ من الكَلامِ.

- ونسبةٌ إلى السَّامع، وما أراد المتكلمُ إفهامَه إيَّاه.

وعلى ذلك فلا يخلو حال المُتكلم بالخبر من ثلاثة أحوال:

الأولى: أن يخبر بما هو مطابق للواقع، مع إرادة إفهام السامع ما قَصَد من الخبر = فهذا صدقٌ من الجهتين.

الثانية: أن يخبر المُتكلم بخبر خلاف الواقع، و رَمى إلى إفهام السَّامعِ خلافَ ما قَصَد = فهذا كذبٌ من الجهتين.

الثالثة: أن يقصد من الخبر معنى صحيحًا مُطابقًا، لكن أَراد إفهام السامع خلاف ما قَصَد = فهذا صدقٌ من جهة إخباره بالمعنى الصحيح المطابق، وكذب من جهة إيهام السامع ما هو خلاف غرضه.

يقول الإمام ابن القيم: (فإن قيل: كيف سمَّاها إبراهيم كذبات وهي تورية وتعريض صحيح؟!

قيل: ... لم أجد في هذا المقام للنَّاسِ جوابًا شافيًا يسكن القلب إليه .. وقد فتح الله الكريم بالجواب عنه، فنقول: الكلام له نسبتان؛ نسبة إلى المتكلم وقصده وإرادته، ونسبة إلى السامع وإفهام المتكلم إيَّاه مضمونه، فإذا أخبر المتكلم بخبر مطابق للواقع وقصد إفهام المخاطب


(١) انظر "إرشاد الساري"للقسطلاني (٥/ ٣٤٧)
(٢) انظر "المحرر الوجيز"لابن عطيَّة (١٥٨١)
(٣) انظر"الاستغاثة"لابن تيميَّة (٤٠٨)
(٤) انظر "مفتاح دار السعادة"لابن القيم (٢/ ٣٩٥ - ٣٩٦)
(٥) انظر: "الإشارات الإلهية" للطُّوفي (٣/ ٢٩)

<<  <   >  >>