للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النقدية للحديث" ثلاثةً من الأحاديث منها هذا الحديث ثم ردَّها بقوله: (وتمسُّ الحاجةُ إلى النقد حيث نرى حديثًا يحيك في الصدر بمجرد سماعه ويخالف " مُسمَّيات الدِّين" و" معروفات الشريعة" ويأباه العقل العام في أول وهلة) (١) فهذا الحديث مما يخالف معروفات الشريعة ويأباه العقل العام بزعمه.

ومن المنكرين لهذا الحديث: الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله -، ومما قاله بصدد الطعن في هذا الحديث: (وقد وقع لي وأنا بالجزائر أَنَّ طالبًا سألني: أصحيح أن موسى - عليه السلام - فقأ عين ملك الموت عندما جاء لقبض روحه بعدما استوفى أجله؟ فقلت له متبرِّمًا: الحديث مروي عن أبي هريرة وقد جادل البعض في صحته.

وعدتُ لنفسي أفكر: إنَّ الحديثَ صحيحُ السَّنَدِ لكن متنه يثير الرِّيبة؛ إذ يفيد أن موسى يكره الموت ولا يحب لقاءَ الله بعدما انتهى أجله، وهذا المعنى مرفوضٌ بالنسبةِ إلى الصالحين فكيف بأنبياء الله؟ وكيف بواحد من أولي العزم؟ إن كراهيته للموت بعدما جاء مَلَكُهُ أمرٌ مستغرب!

ثم هل الملائكة تعرض لهم العاهات التي تعرض للبشر من عَمَى أَو عَور؟ ذاك بعيد .. ومن وصم منكر الحديث بالإلحاد (٢) فهو يستطيل في أعراض المسلمين. والحق أن في متنه علةً قادحةً تنزل به عن رُّتبة الصِّحةِ.

ورفضه أو قبوله خلاف فكري وليس خلافًا عقائديًا، والعلة في المتن يبصرها المحققون تخفى على أصحاب الفكر السطحي ..


(١) نقلًا عن "زوابع في وجه السُّنَّة" لصلاح الدين مقبول أحمد (٢٢٦) وانظر: "موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي" للعلَّامة محمد إسماعيل السَّلَفي (١١٣ - ١١٦)
(٢) يعني به الإمام المازري!

<<  <   >  >>