وليس من المُحال أيضًا أن يحصُل العذابُ والنعيم للميت الذي لم يُوَارَ في رَمْسِهِ، وأن يأتيه الملكان فيسألانِه، من غير أن يسمع أو يشاهدَ مَنْ بِحضْرته سؤالهما وجوابَه.
فهذا جبريل كان ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، والصحابة حوله، وبجواره، فلا يسمعون، ولا يرون من ذلك شيئًا.
ومَثَلُ ما يحصل للميتِ مثلُ يحصُل للنائم في منامِه؛ من العذاب، أو النعيم الذي يشعر به، ولا يشعر به مَن حوله. مع لَحْظِ البون الشاسع الذي بينهما.
والذي ينعقد القلبُ عليه: أنّ ما يجري للميت من صنوف العذاب والنعيم؛ ليس من جنس المعهود في هذا العالَم. يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
(وسرّ المسألة: أنّ الضيق، والإضاءة، والخُضرة، والنار؛ ليس من جنس المعهود في هذا العالَم. والله سبحانه إنَّما أشْهد بني آدم في هذه الدّار ما كان فيها ومنها، فأمّا ما كان من أمر الآخرة فقد أسبل عليهم الغطاء؛ ليكون الإقرارُ به، والإيمان به سببًا لسعادتهم)(١) .