للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجيب: بأن المعنى - والله أعلم -: إلاّ مريم، وابنها، ومَن في معناهما. وإليه أشار القاضي عياض.

أقول: هذا الجواب على تقدير أن يكون عدم مسِّ الشيطان من الفضائل؛ فإذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام أفضل وأعلى = كان الاتصاف به أولى. وأمّا إذا كان من خصائصهما فلا يلزم أن يوجد في نبينا عليه السلام؛ إذْ كم من مفضول موصوف بخاصّية لا توجد إلاّ في الفاضل منه!

فإنْ قلتَ: لو لم تثبت حقيقة المسّ لم يترتّب عليه استهلال الطفل = ... أُجيب: بأن استهلاله تخييل لطمع الشيطان؛ كأنْ يمسّه بيده، ويقول: هذا ممن أُغْويه ... ) (١) .

فأنت ترى أن "ابن الملك" ما هو إلاّ مُشَقِّقٌ لاعتراض الزمخشري، ومفصّل لجوابه.

وقد ارتضى اعتراض الزمخشري من المعاصرين: "إمام حنفي"؛ حيث نقل كلام الزمخشري بمعناه، وأشار إليه (٢)، وحمَل على ابن المنيِّر في نقده للزَّمَخْشري؛ كما سيأتي -إن شاء اللهُ- بيان غلطه في ذلك.

ثانيًا: أنّ الحديث مناقض لما ثبت في الطب؛ من أنّ سبب صُراخ كلّ مولود حين ولادته هو: دخول الهواء لأول مرة لرئته.

ثالثًا: أن زوجة عمران (أم مريم) ليست الوحيدة في الدنيا التي أعاذت وليدها وذرّيته من الشيطان الرجيم؛ بل كل مسلم تقيّ يفعل ذلك!

وفي تقرير هاتين الشبهتين يقول "إسماعيل الكردي": (لقد ثبت في


(١) "مبارق الأزهار " (٢/ ١٣٣ - ١٣٤) .
(٢) انظر: " إبليس في التصور الإسلامي"لإمام حنفي (ص ٤٢ - ٤٣) .

<<  <   >  >>