من حديث أبي هريرة، ظن الرُّواة أنها مرفوعة، ذلك؛ لأَنَّ التعليل لسبب صياح الديك يُشكِل عليه: أن القرآن الكريم والحديث نصّا على أن لكل ابن آدم ملائكةً حفَظَةً، وملكين يكتبان أعماله. وعليه؛ فالمفروض أن تصيح الديكة ليل نهار كلما رأت إنسانًا؛ لأجل أنها ترى معه أولئك الملائكة، مع أن شيئًا من هذا لا يحدث!
وقديمًا قال علماء الحديث: أكذبُ الحديث ماكذّبته المشاهدة، والواقع المحسوس.
وكذلك تعليل نهيق الحمار برؤيته لشيطان؛ فإنه يشكل عليه: ما ورد في صحيح الحديث أن لكل إنسان شيطانًا موكلًا به، ومثله ما جاء في القرآن الكريم من وجود القرين للإنسان: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (٢٥)} فصلت. وقد بين لنا الحق تعالى أن الشيطان كثير الوسوسة للإنسان، وعلّمنا أن نستعيذ بالله من شَر الوسواس الخناس ... إلخ والحاصل أن الناس في غالب أحوالهم مُعرَّضون لمحاولات الإضلال من قبل الشيطان، ولوساوسه. فلو كان نهيق الحمار سببه رؤية الشيطان = لوجب أن تنهق الحمير في الأوقات كلها، ولدى رؤيتها للناس! ويلزم: أنه إذا كان الإنسان راكبًا حمارًا، فكلما وسوس له الشيطان بشيء وجب أن ينهق الحمار من تحته لرؤيته الشيطان!
وكذلك يُشْكِلُ متن الحديث إذا وضعناه بجانب الحديث الأخير؛ حيث كثيرًا ما يكون حمار أو حمير - في القرى - على باب مَسْجد أو قريبًا منه، ثم نرى أن المؤذن يؤذن ولكن لا نسمع نهيق الحمار! مع أنه من المفروض حسب الحديث الأول: أن الشيطان خرج من المسجد له