للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنفاس جهنم، كما يصور الزمهرير على أنه نَفَس آخر من أنفاسها. وجهنم تحوي من ألوان العذاب أشد الحرارة وأشد الزمهرير!» (١).

ويقول إسماعيل الكردي: «هناك حديث يُروى عن عدةٍ من الصحابة، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا اشتد الحرُّ فأبردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم) وهذا سياق لا إشكال في معناه؛ إذْ يُحمل على أن شدة الحر من نَمَط، أو من جنس حَرِّ جهنم.

لكن حديث أبي هريرة الذي ذكرناه لا يتحمل هذا التفسير؛ بل هو صريح في نسبة حَرِّ الصيف وبرد الشتاء إلى نَفَسي جهنم - بالتحديد - ... = فهذا السياق مَعْلولٌ بمخالفته الصريحة للعلم، الذي أَثبت - بما أصبح الآن من البديهيات في علم الجغرافيا - أن سبب الحرِّ واشتداده وسبب البرد وشدته = إنَّما هو عوامل جغرافية وجوية؛ مثل: درجة عمودية أو ميل الشَّمس على المنطقة، وبُعْد وقُرْب المنطقة من سطح الأرض إلى قُرْصِ الشَّمس ...

ثم إنه لا يوجد جو واحد في الأرض؛ بل في كل وقت توجد على أَجزاء مختلفة من الأرض درجات حرارة متفاوتة، من أقصى البرودة لأقصى الحر؛ حسب الموقع الجغرافي للمنطقة.

فسياق رواية أبي هريرة للحديث = تتعارض مع العلم، وحتى مع المحسوس؛ لأن روايته تصوّر أن الأرض كلها ذات جَوٍّ واحد؛ إما صيف .. أو شتاء .. هذا في حين أن الأرض تشتمل على الفصلين معًا في الوقت نفسه. فعندما يكون نصف الكرة الشمالي في أشد برد الشتاء، يكون نصفها الجنوبي في أحرِّ الصيف. والعكس بالعكس) (٢).


(١) " كيف نتعامل مع السنة النبوية " (١٥٨).
(٢) " نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث " (٢٨٢ - ٢٨٣).

<<  <   >  >>