للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإما بتأويل الحديث بأنه مرويّ بالمعنى، وأن بعض رواته لم يفهم المراد منه فعبَّر عما فهمه؛ كعَدَم فهْم راوي هذا الحديث - الذي ذكرنا على سبيل المثال - المرادَ من قوله: (إن الشَّمس تكون ساجدة تحت العرش .. إلخ) = فعبّر عنه بما يدلّ على أنها تغيب عن الأرض كلّها. وقد يكون المراد من معنى سجودها: أنه من قبيل قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦)} الرحمن. كما أن توقف طلوعها على إذن الله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} الأعراف: ٥٨ وهو إذن التكوين لا التكليف .... » (١) .

ويقول سامر إسلامبولي: «من الواضح من قراءة النَّصِّ أنه تركيبة غير مُوفَّقة صدرت من جهة جاهلة؛ وذلك من عدة أوجه:

أولًا: من المعلوم أن الشَّمس لها نظام ومسار تدور وتسير بموجبه، فهي ما إن تغرب عن مكان إلا وتكون بالوقت نفسه تشرق على آخر. ولا تغيب عن الأرض أبدًا، ولا تخرج عن مسارها ...

ثانيًا: إن الشَّمس من المخلوقات التي لا تملك عقلًا، ولا إرادة؛ وبالتالي فهي لا تسجد سجود العاقل الواعي، وهي غير مكلفة ومسؤولة حتى يُقبل منها السجود أو يُرفض) (٢) .

وفي بيان الجهة الثَّالثة للشُّبهة الأَصل التي ارتكزوا عليها، يقول إسماعيل الكردي: ( .. فإنه من المعلوم لكل طالب دَرَسَ الجغرافيا أن الشَّمس مستقرة في مكانها في مركز المجموعة الشَّمسية؛ لا تذهب لعرشٍ، ولا لمكان آخر، ولا تأتي منه، وأن شروقها ومغيبها ليس بسبب حركتها هي؛ بل سببه دوران الأرض حول نَفْسِها، وأن هذا الشروق


(١) مجلة المنار (٢٨ / ج ٨/ ٦١٥ - ٦١٦) .
(٢) " تحرير العقل من النقل " (٢٥٤) .

<<  <   >  >>