للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الاعتراض إنَّما يثبتُ عن قين الأشجعي؛ حيث قال لأبي هريرة - رضي الله عنه - لمَّا ذكر الحديث: (كيف إذا جئنا مهراسكم هذا؟) فقال أبوهريرة - رضي الله عنه -: (أعوذ بالله من شرّك يا قين) (١) وقين الأشجعي معدود في التَّابعين من أصحاب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - لا في الصَّحابة (٢)، فمعارضته خارجةٌ عن شرط هذه المُقدِّمة. ثم لوصحّ اعتراض عائشة لم يكن اعتراضها على حديث أبي هريرة لمخالفته معقولًا تحرر لديها؛ إذ لا معقول هنا يقتضي عدم وجوب غسل اليد قبل الإدخال في الإناء (٣)

ثم يُقال: لو كانت المُحاكمة العقليَّة للنصوصِ هي الأَصل والأَساسُ عندها - رضي الله عنها - =لما جرى إِنكارها على تلك المرأةِ التي سألتها قالت: أَتقضي إحدانا صلاتها أَيَّام حيضها؟ فكأنّ أمَّ المؤمنين -رضي الله عنها- سبق إلى نفْسها أن تلك المرأة تنتحل مذهب الحروريّةِ الخوارج الّذين يردُّون السُّنن. فقالت - رضي الله عنها -: أَحروريَّة أَنتِ؟ قد كانت إحدانا تحيضُ فلا تؤمرُ بالقضاءِ (٤) .

قال العلاّمةُ أَحمد بن محمد شاكر -رحمه الله- مُحشَّيًا على هذا الأَثر: (وأَمرُ الحائضِ بقضاءِ الصومِ وترك أَمرها بقضاء الصلاة؛ إنّما هو تعبد صِرْفٌ، لا يتوقف على معرفة حِكْمَته، فإن أَدركناها فذاك، وإلَاّ فالأَمر على العين والرأْسِ =وكذلك الشأْنُ في جميع أُمُورِ الشَّريعة، لا كما


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (٣/ ٨٢ - رقم [٨٧٤١])،وأبي يعلى في "المسند" (١٠٦٠ - رقم [٥٩٦٦]) وسنده حسن =انظر: "الإرواء" (١/ ١٨٧)
(٢) انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة"للحافظ ابن حجر (٥/ ٥٦٧)
(٣) انظر: "تيسير التحرير" (٣/ ١١٨)
(٤) أخرجه البخاري كتاب"الحيض" باب "لا تقضي الحائض الصلاة" (١/ ١٢٠ - رقم [٣٢١])، ومسلم كتاب "الحيض"باب "وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة" (١/ ٢٦٥ - رقم [٣٣٥])

<<  <   >  >>