للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه كون صاحب البدعة غالباً لا يوفق للتوبة

السؤال

ذكرت بأن صاحب البدعة غالباً لا يوفق للتوبة، وإن تاب تبقى عنده رواسب من أفكاره التي كان عليها؟ فهل نعتبر هذه قاعدة عامة؟

الجواب

القاعدة العامة: أن صاحب البدعة غالباً لا يوفق للتوبة إذا أصر على بدعته وقامت عليه الحجة وبان له الدليل، وذكرت في ذلك أسباباً كثيرة، لكن السبب البين الظاهر: أن صاحب البدعة يحسن له الشيطان بدعته، ويظن أنها الحق، فهل تتوقعون من إنسان يظن أنه على الحق أن يتوب من الحق الذي يزعمه، فلذلك ما يوفق، هذا شيء.

السبب الآخر: أننا نتكلم عن صاحب البدعة المؤصل لها والمقيم والمصر عليها، أما المبتدع التابع العامي المبتدع الجاهل فقد يتوب؛ لأنه جاهل لا يدري أنه ابتدع، فإذا عرف أنه ابتدع قد يتوب.

إذاً: صاحب البدعة الذي يصر على بدعته ويعلنها فإنه قل أن يوفق للتوبة، وهذه قاعدة حتى بالاستقراء التاريخي هل سمعتم بفرقة مبتدعة رجعت إلى السنة، ما أعرف فرقة مبتدعة في تاريخ الأمة إلى يومنا هذا رجعت إلى السنة.

أما الأشخاص فنعم قد يكون منهم من يرجع إلى السنة، لكن نادر وقليل، ولذلك الذين تابوا من البدعة أعداد قليلة جداً على مدار التاريخ ممن سمعنا بهم، أو سطر أسماءهم التاريخ.

أما قوله: إن تاب تبقى عنده رواسب من أفكاره التي كان عليها هذا هو الغالب؛ لأن ممن كانوا على بدع ثم تابوا منها فلا أعرف أن أحداً منهم سلم من أوضار البدعة التي كان عليها، إلا البدع الصغار البدع الجزئية، أما بدع المناهج كبدعة المعتزلة والخوارج والمرجئة والجهمية والأشاعرة والماتريدية، والذين كانوا على مناهج أهل البدع ثم رجعوا إلى السنة، يندر أن يكون منهم من يسلم من غوائل الخلفيات السابقة إلا القليل، لكن كما يقال: النادر لا حكم له، تبقى القاعدة على العموم، وكل قاعدة لها استثناءات، حتى القواعد الكونية التي جعلها الله عز وجل سنناً كونية، فالله عز وجل أحياناً بخرقها بمعجزات وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>