للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقيدة ابن عربي وأتباعه في عبدة الأصنام وفرعون]

قال رحمه الله تعالى: [ولهذا جعل صاحب هذا الكتاب عباد العجل مصيبين، وذكر أن موسى عليه السلام أنكر على هارون عليه السلام إنكاره عليهم عبادة العجل.

وقال: كان موسى أعلم بالأمر من هارون؛ لأنه علم ما عبده أصحاب العجل؛ لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبدوا إلا إياه، وما حكم الله بشيء إلا وقع، فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره، وعدم اتباعه، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه عين كل شيء.

ولهذا يجعلون فرعون من كبار العارفين المحققين، وأنه كان مصيباً في دعواه الربوبية، كما قال في هذا الكتاب: ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه جار في العرف الناموسي لذلك، قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:٢٤] أي: وإن كان الكل أرباباً بنسبة ما فأنا الأعلى منهم؛ بما أعطيته في الظاهر من الحكم فيهم.

ولما علمت السحرة صدق فرعون فيما قاله لم ينكروه، بل أقروا له بذلك وقالوا له: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه:٧٢]، فالدولة لك، فصح قول فرعون: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:٢٤] وأنه كان عين الحق.

ويكفيك معرفة بكفرهم: أن من أخف أقوالهم أن فرعون مات مؤمناً، بريئاً من الذنوب كما قال، وكان موسى قرة عين لفرعون بالإيمان، الذي أعطاه الله عند الغرق، فقبضه طاهراً مطهراً ليس فيه شيء من الخبث؛ لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئاً من الآثام، والإسلام يجب ما قبله].

المتأمل لهذا الكلام يعجب ليس فقط من قول ابن عربي فيه؛ لأن قوله مخالف لصريح النصوص، وليس فيه لبس ولا ريب ولا اشتباه، لكن العجب كيف ينطلي هذا الكلام على أناس يعدون من عقلاء البشر، فضلاً عن أن يكونوا من المسلمين؟ وكيف يكون لهذا الكلام أنصار؟ نسأل الله السلامة والعافية، يعني: كلام فيه قلب كامل للحقائق، لا نعرف أكفر من فرعون في البشرية جمعاء، ومع ذلك يقول هذا الكلام فيه.

بل له رسالة طبعها بعض المحتسبين في سبيل الشيطان، رسالة موجودة الآن مطبوعة اسمها: (إيمان فرعون) نسأل الله السلامة، يقرر هذا الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية.

فإذاً: ليس العجب من قائل هذا القول، لكن العجب أن ينطلي هذا الكلام الكفري على طوائف من المسلمين، يعني: لو اجتمع كثير من أهل البيان واللغة والفصاحة ليعبروا عن الكفر بأوضح من هذا التعبير ما استطاعوا، يعني: ليس فيه لا التباس ولا التواء يعني: قلب للحقائق وعكس للأمر تماماً بلسان عربي ظاهر بين ليس فيه شيء من العجمة أو الركاكة، بل أسلوبه أخاذ وعنده عربية جيدة، فيعبر بها عن الباطل تعبيراً ظاهراً لا يلتبس بالحق فهو باطل خالص.

<<  <  ج: ص:  >  >>