[وجه التداخل بين الفرق المنحرفة ونسبة ذلك التداخل]
السؤال
هل انتماء الجبرية إلى الصوفية هو من باب تغير الاسم، أم أن هناك فرقاً بينهما؟
الجواب
هذه مسألة تتعلق بما يسمى بالتداخل بين الفرق، بعض الناس يقول مثلاً: هل مذهب الجهمية انتقل إلى الصوفية أو أن الجهمية ماتت، أو أن الصوفية تحولت إلى جهمية ولم تعد صوفية؟ كذلك: هل بدع المعتزلة والجهمية انتقلت إلى الرافضة، وصارت الرافضة جهمية ولم تعد رافضة؟ نقول: لا، الآن الحاصل منذ القرن الثالث وما بعده أن الفرق بدأت تأخذ ببدع جديدة مع بقائها على بدعها الأصلية، فالرافضة تحوّلت إلى مذهب الجهمية، مع أنها بقيت على أصول الرافضة القديمة، بل زادت عليها، وكذلك الخوارج، فالخوارج مثلاً بقوا على مذهب الخوارج، لكنهم أدخلوا على عقيدتهم مذهب الجهمية والمعتزلة، والصوفية دخلتها مذاهب الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، ودخلتها مذاهب الجهمية، ولا يعني ذلك أنها تخلت عن التصوف، بل زادت بدعاً في التصوف، وهذا يسمى التداخل بين الفرق، فالفرق تشابكت كل واحدة أخذت عن الأخرى مع بقائها على أصولها، وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم في وصف أهل الأهواء:(تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه) يعني تمضي وتفتك بهم الأهواء كما يفتك مرض الكلب، وهو من الأمراض الفتاكة، وذلك إذا أصيب الإنسان بعضة الكلب المسعور تبدأ بجرح بسيط، ثم هذا الجرح يأكل الجسم عضواً عضواً حتى ينتهي الإنسان، فكذلك البدع تبدأ صغيرة، ثم صاحب البدعة يضيف إلى بدعته أخرى وأخرى حتى تهلكه.
إذاً: نخلص إلى أن هذه الفرق كل واحدة أخذت مساوئ الأخرى مع مساوئها الأولى التي كانت عليها.
نسأل الله للجميع التوفيق والسداد.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.