[بيان متى حدث القول بالاتحاد العام والحلول المطلق]
قال رحمه الله تعالى:[وهؤلاء الذين تكلموا في هذا الأمر لم يعرف لهم خبر من حين ظهرت دولة التتار، وإلا فكان الاتحاد القديم هو الاتحاد المعين، وذلك أن القسمة رباعية، فإن كل واحد من الاتحاد والحلول، إما معين في شخص وإما مطلق].
يقصد بالقسمة الرباعية: أن الاتحاد على قسمين: إما معين، وإما مطلق، وكذلك الحلول على قسمين: إما معين، وإما مطلق، فيكون أربعة.
قال رحمه الله تعالى:[أما الاتحاد والحلول المعين كقول النصارى، والغالية في الأئمة من الرافضة، وفي المشايخ من جهال الفقراء والصوفية، فإنهم يقولون به في معين، إما بالاتحاد كاتحاد الماء واللبن، وهو قول اليعقوبية وهم السودان ومن الحبشة والقبط.
وإما بالحلول وهو قول النسطورية، وإما بالاتحاد من وجه دون وجه وهو قول الملكانية].
اليعقوبية والنسطورية والملكانية كلها فرق نصرانية، وكلها مشركة تعتقد الحلول والاتحاد، لكن يختلفون في تفسير هذا الحلول والاتحاد.
قال رحمه الله تعالى:[وأما الحلول المطلق وهو أن الله تعالى بذاته حال في كل شيء، فهذا تحكيه أهل السنة والسلف عن قدماء الجهمية، وكانوا يكفرونهم بذلك].
يتمثل هذا بقول الجهم ما أثر عنه أنه قال لما ناقش السني وشككوه في الله عز وجل في وجود الرب سبحانه خلا بنفسه وجل يتأمل وانقدحت في نفسه أقوال الفلاسفة ثم خرج وهو يزعم أن الله عز وجل في كل شيء حتى كان يقوم هو ذا في كل شيء يعني: الله عز وجل، نعم.
قال رحمه الله تعالى:[وأما ما جاء به هؤلاء من الاتحاد العام، فما علمت أحداً سبقهم إليه إلا من أنكر وجود الصانع، مثل: فرعون والقرامطة، وذلك أن حقيقة أمرهم أنهم يرون أن عين وجود الحق هو عين وجود الخلق، وأن وجود ذات الله خالق السموات والأرض هي نفس وجود المخلوقات، فلا يتصور عندهم أن يكون الله تعالى خلق غيره، ولا أنه رب العالمين، ولا أنه غني وما سواه فقير].