للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقيقة انكشاف شيء من الغيب للعبد القريب من ربه]

السؤال

في قرب العبد من ربه، هل ينكشف للإنسان شيء من الغيب؟

الجواب

نعم، قد ينكشف له شيء من الغيب، لكن ما يكون له متى أراد، الله عز وجل قد يكرم المؤمن بأن يكشف له شيئاً من الغيب، لا الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل.

والغيوب أنواع: منها: غيوب تتعلق بأحوال العباد يعلمها بعض المخلوقين ولا يعلمها الآخر، فهناك غيوب تعلمها الملائكة ويعلمها الجن وتعلمها مخلوقات أخرى، أمور غيبية قد يطلع الله عليها بعض عباده من الإنس لكرامة يكرمه الله بها، لكن هذا الغيب إنما هو في أمر محدود على وجه الكرامة، كأن يكون بفراسة المؤمن، أو بكرامة خارقة، أو بالرؤيا الصادقة، فقد يطلع الله المؤمن لصلاحه وإيمانه ودعائه على شيء من الغيب بهذه الضوابط لا الغيب المطلق، مما ينتفع به الإنسان، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى تحليل حرام ولا تحريم حلال، ولا تشريع، ولا إقرار بدعة، ولا إقرار منكر.

إذاً: قد يؤيد العبد المؤمن بالغيب من الله عز وجل على نحو محدود، فيما فيه مصلحة للعباد، لكن لا الغيب الأكبر، فمثلاً: لا يمكن أن يرى أحد من المؤمنين ربه في الدنيا ولا من غير المؤمنين، ومن ادعى أن الله أكرمه بشيء من ذلك فقد كذب، أيضاً لا يمكن لأحد أن يطلع بعينه على أمر من أمور الآخرة إلا على سبيل الرؤى، وكذلك لا يمكن لأحد أن يطلع على الغيب البعيد الذي لم يتعلق بمصالح العباد؛ لأن الغيب كما هو معلوم على نوعين: الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل، فهذا لا يطلع عليه من عباده أحد بعد النبيين، والنبيون أطلعوا على شيء منه وليس على كله، كما أطلع النبي صلى الله عليه وسلم على بعض أحوال أهل الجنة، وعلى أحوال أهل النار، وغيب يغيب عن بعض المخلوقات ولا يغيب عن آخرين، فالملائكة عندها من القدرات في إدراك ملكوت السماوات والأرض أكثر مما عند البشر، وعند الجن أكثر مما عند الإنس، فهذا النوع من الغيب قد يطلع الله بعض عباده المؤمنين عليه، إذا كان لهم في ذلك مصالح من باب الإكرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>