للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المنهج الصحيح في تفسير الرؤى والأحلام وحكم اتخاذ ذلك مهنة]

السؤال

ما هو المنهج الصحيح في تفسير الرؤى والأحلام؟ وهل قيام مفسر الأحلام بإعداد محاضرات خاصة يقوم عليها تفسير الأحلام على جميع الناس، وما يحدث ذلك من فتنة، بحيث يسمع الكثير التعبير، هل هذا جائز؟

الجواب

الرؤى إذا تجاوزت الحد قد تكون من أبواب الدجل والفتنة، والقواعد المتعلقة بالرؤى حسب ما هو معروف في النصوص وعمل السلف لها بعض التفصيلات التي يجهلها بعض الناس، فمثلاً: النبي صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يسأل الناس: ماذا رأوا؟ لكن هل كان هذا عمل الصحابة من بعده على نحو ما كان يعمل؟ ما أعرف هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم كلام من هو معصوم لا ينطق عن الهوى، وفعله هذا لا يدل على أنه تشريع؛ إذ لو كان تشريعاً لاضطر الصحابة أن تكون طائفة من دروسهم لتفسير الرؤى والأحلام، وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله تفسرها أعمال الصحابة ومن جاء بعدهم، ثم لا نعرف من الصحابة من كان همه تفسير الرؤيا ولا من التابعين ولا تابعيهم، إلا ما اشتهر عن ابن سيرين، لكن ابن سيرين ليس عمله تفسير الرؤى فقط، غاية ما اشتهر أنه مسدد وملهم في تفسير الرؤى، وكان ابن سيرين عالماً في سائر علوم الشرع، إماماً من أئمة الدين، ليس همه تفسير الرؤى فقط كما يتصور بعض الناس، بل كان يتلقى من الناس الرؤى ويفسرها؛ لأن الله عز وجل أعطاه القدرة، فامتهان تفسير الرؤى بحيث يكون مهنة خطأ، مثل: امتهان الرقية بحيث تكون مهنة خطأ أيضاً، مع أن الرقية حق، لكن أن يقوم الإنسان ويضع عيادات وأحواشاً يجمع فيها الناس كأنهم غنم هذا من باب الفتنة، ولذلك كثرت الفتنة في هذا الأمر من ناحية، ومن ناحية أخرى كثر الدجل عند كثير من الرقاة وهم لا يشعرون، وقعوا في صور من صور الدجل وهم لا يشعرون، أنا لا أتهم عقائدهم، أكثر من نعرفهم -بحمد الله- هم على استقامة وصلاح، لكن مع ذلك يفتنون، ومن يضمن نفسه من الفتنة، لاسيما وهو قد عرض نفسه لباب من أبواب الفتنة، فكذلك الرؤى ينبغي ألا تكون مهنة.

أما المحاضرات فما ينبغي أن تكون هناك محاضرة خاصة بتعليم الناس كيف يفسرون الرؤى، أتريد أن يتعلم الناس الحلاقة في رءوس الأيتام؟! يسمع قواعد في الرؤى ثم يبدأ يخبط، يصيب مرة مرتين، وأغلب الإصابة في الرؤى هي أيضاً من باب الفتنة؛ لأن الرائي يعتقد شيئاً من خلال التفسير، فيبتلى به؛ لأن أكثر الناس يقول: إذا فسر فلان وقعت الرؤيا على ما فسر، أقول: لأنكم اعتقدتم هذا، ليس بأنه أصاب دائماً، وأكثر أنواع الابتلاء من هذا النوع، فأكثر الناس يثقون بمفسر الرؤى ثقة مطلقة، ويعتقدون أن ما قاله صحيح وسيقع، ويترقبونه، فيقع ابتلاء؛ لا لأن المفسر أصاب وهكذا.

فالتعمق في هذا الأمر والخروج عن حدود الضوابط الشرعية لا شك أنه تجاوز في الشرع، فلا ينبغي أن يتفرغ ناس لتفسير الرؤى، ولا أن يكثروا من إعلان كل ما يسمعونه وما يقررونه؛ لأن أكثر الرؤى من النوع الذي لا يصلح أن يذاع تفسيره، وهذا له محاضرات في تفسير الرؤى، فهذا منهج غير سليم في نظري، ويحتاج إلى قيود وضوابط شرعية، وإن كنت أرى أنه لا يجوز لي الكلام في هذا الأمر الذي يفهم منه ذكر أشخاص بأعيانهم؛ لأن لهم حقاً علينا أن نناصحهم، وهؤلاء الناس الذين لهم حق علينا كثير منهم طلاب علم ومن أهل الخير والصلاح، فلعلنا إن شاء الله نناصحهم، ويبحث هذا الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>