[كفر أصحاب وحدة الوجود أعظم من كفر عباد الأصنام]
قال رحمه الله تعالى: [وهؤلاء أعظم كفراً من جهة أن هؤلاء جعلوا عابد الأصنام عابداً لله لا عابداً لغيره، وأن الأصنام من الله بمنزلة أعضاء الإنسان من الإنسان، وبمنزلة قوى النفس من النفس، وعباد الأصنام اعترفوا بأنها غيره وأنها مخلوقة، ومن جهة أن عباد الأصنام من العرب كانوا مقرين بأن للسماوات والأرض رباً غيرهما خلقهما، وهؤلاء ليس عندهم للسماوات والأرض وسائر المخلوقات رب مغاير للسماوات والأرض وسائر المخلوقات، بل المخلوق هو الخالق.
ولهذا جعل قوم عاد وغيرهم من الكفار على صراط مستقيم، وجعلهم في عين القرب، وجعل أهل النار يتمتعون في النار، كما يتمتع أهل الجنة في الجنة.
وقد علم بالاضطرار من دين المسلمين أن قوم عاد وثمود وفرعون وقومه وسائر من قص الله قصته من الكفار أعداء الله، وأنهم معذبون في الآخرة، وأن الله لعنهم وغضب عليهم، فمن أثنى عليهم وجعلهم من المقربين ومن أهل النعيم فهو أكفر من اليهود والنصارى من هذا الوجه.
وهذه الفتوى لا تحتمل بسط كلام هؤلاء، وبيان كفرهم وإلحادهم؛ فإنهم من جنس القرامطة الباطنية والإسماعيلية الذين كانوا أكفر من اليهود والنصارى.
وأن قولهم يتضمن الكفر بجميع الكتب والرسل، كما قال الشيخ إبراهيم الجعبري لما اجتمع بـ ابن عربي صاحب هذا الكتاب، فقال: رأيته شيخاً نجساً، يكذب بكل كتاب أنزله الله وبكل نبي أرسله الله.
وقال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام لما قدم القاهرة وسألوه عنه، قال: هو شيخ سوء كذاب مقبوح؛ يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجاً.
فقوله: يقول بقدم العالم؛ لأن هذا قوله، وهذا كفر معروف، فكفره الفقيه أبو محمد بذلك، ولم يكن بعد ظهر من قوله: إن العالم هو الله، وإن العالم صورة الله، وهوية الله، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم العالم، الذين يثبتون واجب الوجود، ويقولون: إنه صدر عنه الوجود الممكن.
وقال عنه من عاينه من الشيوخ: إنه كان كذاباً مفترياً، وفي كتبه مثل: (الفتوحات المكية) وأمثالها من الأكاذيب ما لا يخفى على لبيب، هذا وهو أقرب إلى الإسلام من ابن سبعين ومن القونوي والتلمساني وأمثاله من أتباعه، فإذا كان الأقرب بهذا الكفر الذي هو أعظم من كفر اليهود والنصارى، فكيف بالذين هم أبعد عن الإسلام؟ ولم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر.
ولكن هؤلاء التبس أمرهم على من لم يعرف حالهم، كما التبس أمر القرامطة الباطنية لما ادعوا أنهم فاطميون، وانتسبوا إلى التشيع، فصار المتبعون مائلين إليهم، غير عالمين بباطن كفرهم؛ ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين: إما زنديقاً منافقاً، وإما جاهلاً ضالاً].
هذا واقع الباطنية إلى اليوم، فالباطنية في جميع بقاع العالم الآن لهم أتباع من الدهماء والشعوب التي تعيش حولهم والقبائل، كما يحدث الآن من المكارمة، فالمكارمة الآن تنضوي تحت مذهبهم الباطل قبائل من قبائل العرب التي كانت على السنة والفطرة، لكنها جاهلة، وسبب اغترارهم بهم ما ذكره الشيخ: أولاً: أنهم لا يعرفونهم بحقائق عقيدتهم الصحيحة.
ثانياً: أنهم انتسبوا للتشيع وإلى آل البيت وأظهروا الغيرة على آل البيت.
ثالثاً: أنهم يستدرونهم بالعطاء والأساليب المغرية.