للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر هداية الخلق بالرسالة في القرآن الكريم]

قال رحمة الله تعالى: [ولما كان أصل العلم والهدى هو: الإيمان بالرسالة المتضمنة للكتاب والحكمة، كان ذكره طريق الهداية بالرسالة التي هي القرآن، وما جاءت به الرسل كثيراً جداً، كقوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:٢].

وقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:١٣٨].

وقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:٩].

وقوله: {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ} [آل عمران:٣ - ٤].

وقوله: {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} [إبراهيم:١].

وقوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:١٢٣ - ١٢٤].

وقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى:٥٢ - ٥٣].

وقال تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} [آل عمران:١٠١] فيُعلم أن آيات الله والرسول تمنع الكفر، وهذا كثير].

يشير الشيخ بهذا إلى أمر مهم جداً، يحسن استصحابه في الكلام القادم، وهو أن أصل العلم الهدى، أي: أن أول واجب على العباد هو تحقيق التوحيد، فهذا هو أصل العلم والهدى، ويتحقق بالإيمان بالرسالة المتضمنة للكتاب والحكمة.

والعبد إذا عمل بأول واجب وهو مبدأ الإيمان بالله عز وجل والإيمان برسوله، ورضي العلم والهدى الذي تضمنه الكتاب والسنة فإن ما فيهما يرشد إلى كل ما زعمه المتكلمون من تحقيق وجود الله، وتحقيق وحدانية الله عز وجل، وتحقيق تعظيم الله عز وجل بأسمائه وصفاته كما يزعم المتكلمون ويسعون إليه، كل هذا إنما يحصل بالاهتداء بالكتاب والسنة؛ لأن هذه الأصول أرشد إليها القرآن والسنة، بل أول ما دعا إليها، فلا يمكن أن تتحقق عبادة الله التي هي أعظم الغايات إلا بتحقيق ما يحتاجه العباد من أسماء الله وصفاته وأفعاله وربوبيته؛ ولذلك فالله عز وجل حينما أقام الحجة على المشركين في تحقيق عبادته أقامها عليهم بإقرارهم بالربوبية.

فإذاً: ليست الربوبية محل نزاع إنما جعل إقرارهم بالربوبية وسيلة إلى إلزامهم بالمطلوب، وهو ألا يعبدوا غير الله، جعل الربوبية المعلومة عند جميع الأمم حتى عند المشركين وسيلة إلى تحقيق عبادة الله وحده لا شريك له.

فالشيخ كأنه يقول: إذا قلنا: إن أول واجب هو الاهتداء بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذا الهدى تضمن كل ما سعى إليه المتكلمون، وزعموا أنهم يريدون أن يحصلوه بزعمهم أن أول واجب هو التفكير والنظر العقلي إلى آخره، قال: هذه الأمور أرشد إليها القرآن بطرق سليمة فطرية صحيحة، لا على مناهجكم المعقّدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>