رجل أتت إليه وظيفة في مكان لا بأس به، ولكن يريدون منه أن يحلق اللحية، فهل يجوز له حلقها، مع العلم أن هذه الرجل يشكو إلى الله الفقر، أرجو الإفادة؟
الجواب
لا يجوز قولاً واحداً، ولا تطلب وظيفة بمعصية الله، فمن طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وسأضرب لك مثلاً حتى تطمئن: الرزاق هو الله، جاءت بعثة إلى إحدى دول أوروبا للعاملين في التربية والتعليم، فكان لي صديق مدرس ملتح، فرشح لهذه البعثة، فقال: يا شيخ! أنا سأحلق اللحية؛ لأن أحد شروط البعثة حلق اللحية، فنهيته، فأبى وحلقها، ثم ذهب بعد الفجر متستراً إلى السفارة لينهي الإجراءات ويسافر، فإذا به يفاجأ: أننا نعتذر عن السفر هذا العام، فعاد يجر ذيل الهزيمة، وظل شهراً في بيته متستراً بعمامته ولم يخرج حياءً من الناس.
فلا تطلب الرزق بسخط الله، ولا يجوز يا عبد الله أن تقبل وظيفة يكون هذا أحد شروطها، فالأئمة الأربعة ذهبوا إلى أن حلق اللحية حرام، وحالقها عاص وآثم، وعد الذهبي حلقها في الكبائر، ولا تكن كمن يقول ما لا يعرف: اللحية سنة، من أعفاها أثيب، ومن حلقها فليس عليه شيء، فإن كلمة السنة لها معنى عند المحدثين، ولها معنى عند الفقهاء، ومن التدليس الخلط بين المعنيين، أما عند الفقهاء فتحمل الأحكام التكليفية الخمسة على السنة، يعني: من السنة ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو محرم، ومنها ما هو مباح، خمسة أحكام تكليفية، فمثلاً لبس الذهب للرجال حرام بالسنة وليس بالقرآن.
إذاً: السنة تحرم، والسنة تبيح، والسنة تقرر، يعني: أن السنة مصدر تشريع، وليس معنى السنة أن من فعلها أثيب ومن لم يفعلها فليس عليه شيء، فهذا خلط بين المسائل.