للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الطعن في العلماء]

السؤال

ما حكم الطعن في العلماء، فبعض الناس يقول عن فلان: إنه مرجئ، وعن آخر: إنه من الخوارج، وهكذا؟

الجواب

لقد عمت الفتنة والبلوى، وخاض الأصاغر في الأكابر، فنسأل الله العافية، فهذه فتنة ينبغي أن نطهر ألسنتنا منها، وعلماؤنا إن شاء الله على خير، وإن كان لأحدهم زلة فندعو له بالتوفيق وأن يعود إلى رشده، ومن منا ليست له زلة؟ لكن أهل الأهواء والأمراض ينشرون اختلاف العلماء بين الناس، وقد قال العلماء: خلاف الأقران يطوى ولا يروى، والأقران هم العلماء الذي يعيشون في زمن واحد، ولا شك أنهم يقع بينهم غبطة أو تنافس في الخير، وهكذا كان دأب العلماء قاطبة في أزمنتهم، فصراع الأقران يطوى ولا يروى، فقد كان أحدهم يقول عن الآخر كذا، والآخر يقول عنه كذا، والآن هناك أختام مصنوعة لتمييز الناس، فهذا من فرقة كذا، وهذا من عصابة كذا، وهذا من كذا وهكذا، حتى أصبح ولاؤنا وبراؤنا ليس للتوحيد ولا لدين الله، وإنما لمن أسمع منه وأتلقى منه، والأخ يسأل الآن ويقول: ماذا تقول في أخ يقول عن العالم الفلاني: إنه مرجئ، وعن فلان: إنه من الخوارج؟ أقول: ليتق الله في نفسه؛ فما خاض أحد في لحوم العلماء إلا أذله الله، وكانت خاتمته خاتمة سوء، وانظر في كتب التراجم ماذا صنع الله عز وجل بمن عذب شيخ الإسلام ابن تيمية وسجنه؟ وماذا صنع الله بمن عذب الإمام أحمد بن حنبل في بغداد، وامتحنه في محنة خلق القرآن وجلده؟ فأسماؤهم لا نعرفها، وأما ابن حنبل فلا يجهله أحد، فهؤلاء غابت عنا حتى أسماؤهم، وعليهم من الله ما يستحقون، وأما علماء الأمة فكلما ذكرناهم قلنا: رحمهم الله، ونترضى عليهم، فلحوم العلماء مسمومة، فمن وقع فيهم فإنما يتجرع السم، وعادة الله في هتك منتقص قدرهم معلومة، ومن وقع في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب، وهذا كلام مهم، وبدلاً من أن نعلم الناس اليوم التوحيد والشرع، ونحذرهم من البدع التي انتشرت الآن وظفنا أنفسنا في الكلام في العلماء، ونحن نريد الآن أن نتصدى لهذه الظاهرة ونمنعها ونقول للناس: هذا لا يجوز، ولا نشغل أنفسنا بأن فلاناً مرجئ أو خارجي أو حلولي أو اتحادي، فيا عبد الله! اتق الله، فلا يقع في علماء الأمة إلا سيء الأدب، ولم يسلم من الألسنة حتى الشيخ ابن باز والشيخ الألباني وهما مجددا العصر باعتراف أهل العلم، فالشيخ ابن باز والشيخ الألباني جددا لهذه الأمة دينها، (ويبعث الله على رأس كل مائة سنة للناس من يجدد لها دينها).

وقد ترك الرجل كتباً ربما مسجد العزيز لا يتسع لها، وكانت عقيدته سلفية، فأنت تطعن في عالم من علماء الأمة جدد وأحيا وقطع نفسه للدفاع عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فاتق الله في نفسك يا عبد الله! وراجع نفسك، وإن كان لفظاً يحتمل الخطأ فاحمله على المحمل الحسن، ورد المتشابه إلى المحكم، فلا تصطاد الأخطاء اصطياداً، وتكتب فيها الكتب وتنشرها على الملأ، فنحن في زمن عمت فيه الفتن والبلايا، وصارت فيه الأعراض رخيصة كما تعلمون، فالإنسان لا يأمن فيه على عرضه، ولا يأمن على ذهاب ابنته إلى الجامعة، فالزواج العرفي أصبح أيسر شيء، فكلما ذهبت البنت إلى مكان كتبوا لها ورقة وتزوجت، وهذا أمر انتشر، فتصدوا لهذه الظاهرة، وبينوا فيها الأحكام، وحذروا الناس منها.

فقد أصبحت أمراضنا متعددة، ويبدو أن الشيطان قد استهوانا وتغلب علينا، فانشغلنا بأمور وجزئيات وتركنا الأولويات، وفقه الأولويات من أهم أنواع الفقه الذي ينبغي أن ننتبه إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>