[تحريم الزنا وأسباب الوقاية منه]
الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه، وما بكم من نعمة فمن الله.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر:٣]، خلقنا من عدم، وأطعمنا من جوع، وكسانا من عري، وهدانا من ضلال، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
وأشهد أن نبينا ورسولنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، بعثه الله سبحانه ليتمم مكارم الأخلاق، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فكأن الغاية من رسالته والهدف من بعثته هي أن يتمم مكارم الأخلاق، ولقد تحدثنا عن الأخلاق وتعريفها عند العلماء، وحسن الخلق مع الخالق، وحسن الخلق مع المخلوق، وعن صفة خلقية ينبغي على المسلم أن يتحلى بها ألا وهي الحياء.
وموضوعنا اليوم عن فعل قبيح شاع في زماننا، حرمه الإسلام وحرم الوسائل المؤدية إليه؛ لأن الذين يريدون للأمة أن تميل عن صراط الحق، كما قال سبحانه: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:٢٧]، نشروا تلك الوسائل، حتى عمت تلك الكبيرة، ألا وهي الزنا، أعاذنا الله وإياكم منها.
يقرر علماء الأصول قاعدة أصولية يقولون فيها: كل ما أدى إلى الحرام فهو حرام والمعنى: أن الوسائل لها أحكام الغايات، فما أدى إلى الحرام فهو حرام، وكلما ساعد على الحرام يأخذ حكمه، ومن ثم من أجر متجراً أو محلاً لتباع فيه أشرطة الفسق والضلال فدخله حرام، من فصل بنطالاً لامرأة تخرج به سافرة فعمله حرام؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢].
والإسلام حينما حرم الزنا حرم السبل المؤدية له، ولذلك لقاؤنا اليوم بعنوان: الوسائل الواقية من الزنا.
لقد حرم الإسلام الفواحش بصفة عامة، والآيات في ذلك متعددة، يقول ربنا سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف:٣٣].
ويقول سبحانه: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة:٢٦٨].
ويقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور:١٩].
ويقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠].
وجاءت الآيات القرآنية تقرر أن من أعظم الفواحش جريمة الزنا، فكم من أعراض تنتهك بسبب ما وقعنا فيه، وبسبب اجتنابنا لشرع ربنا عز وجل.
لقد وضع الإسلام ثلاث عشرة وسيلة ليغلق هذا الباب، نقرؤها جملة ثم نشرحها تفصيلاً، ثم نربطها بالواقع المؤلم: أولاً: أمر بغض البصر.
ثانياً: نهى عن التبرج.
ثالثاً: نهى عن الاختلاط.
رابعاً: حرم الخلوة.
خامساً: حرم على المرأة أن تسافر مع غير محرم.
سادساً: حرم على المرأة أن تخرج متعطرة.
سابعاً: حرم على الرجال مصافحة النساء الأجنبيات.
ثامناً: حرم على النساء الخضوع بالقول.
تاسعاً: حرم على المرأة أن تنظر إلى المرأة فتصفها لزوجها كأنه يراها.
عاشراً: حرم على المرأة أن تمتنع عن فراش زوجها إلا بسبب شرعي.
الحادي عشر: حرم على المرأة أن تسير في وسط الطريق كما سنبين.
الثاني عشر: حرم الغناء.
الثالث عشر: حرم على الرجل أن يحلف أو يقسم على ألا يأتي زوجته أكثر من أربعة أشهر، وهذا يسمى الإيلاء، كما ورد في سورة البقرة.
لو أن الأمة راعت هذه الوسائل لعمت الطهارة؛ لأن الحرب على التستر وحجاب المرأة قد أطلت برأسها من أصحاب القلوب المريضة ليل نهار، من طعن في العفاف والطهارة والحجاب وغير ذلك.