تفسير قوله تعالى: (وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
وبعد: فقال تعالى: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا} [نوح:٧]، أي: على كفرهم، {وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح:٧]، أي: عن الإجابة لدعوة الله عز وجل.
ثم قال نوح: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} [نوح:٨]، أي: دعوتهم دعوة علانية، {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح:٩]، فكانت الدعوة جهرية وسرية، مستخدماً كل وسائل الدعوة، فردية، جماعية، لكن القوم أعرضوا وأبوا إلا الكفر، والأعجب أنه قد مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعوهم إلى توحيد الله، حتى أوحى الله إليه، {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود:٣٦]، فبعد هذا الوحي تيقن نوح أنه لا استجابة من القوم، عند ذلك دعا على قومه بقوله تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا * رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} [نوح:٢٦ - ٢٨]، فقصة نوح طويلة، وفيها من الدروس والعبر ما فيها.
وأختم هذا الحديث بالتحذير من كتاب مع الباعة في الأكشاك، يباع على مرأى من الجميع، ويحمل هذه العنوان: (أخطاء ابن تيمية في حق رسول الله وأهل بيته)، ابن تيمية أنا لا أقوم بدعاية للكتاب حتى تشتروه، لا، وإنما يقوم بذلك أهل العلم والتخصص، حتى يردوا على هذا الكتاب، ولا نكون هكذا ككتاب (هرمجدون) الذي أصدره مؤلفه وقال فيه بالحرف الواحد: وسينتصر السفياني في المعركة الثانية، فأين السفياني يا عبد الله؟! إننا لم نره بعد، لكن هذا المؤلف قال: إن حاكم العراق يسمى السفياني وسينتصر ويئول الحكم إلى ولده.
فلم نر سفياني، ولم نر ولد السفياني، وعليه فلا داعي أن تعلل النصوص: فدع عنك الكتابة لست منها ولو سودت وجهك بالمدادِ.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام وأن تعز المسلمين، وأن تذل الشرك والمشركين، برحمتك يا أرحم الراحمين استجب لدعاء الموحدين.
اللهم عليك بأعداء دينك، فإنهم لا يعجزونك.
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، وجلاء همنا وغمنا، ونور أبصارنا، علمنا من القرآن ما جهلنا، ذكرنا من القرآن ما نسينا.
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً.
نعوذ بك يا رب من قلب لا يخشع، ومن دعوة لا ترفع، ومن عين لا تدمع.
نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين.
اللهم ارزقنا حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.
اللهم انصر الإسلام في ربوع الأرض يا رب العالمين.
اللهم اشدد وطأتك على كل أعداء دينك، اللهم زلزل بهم الأرض، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً، شتت يا رب شملهم، فرق يا رب جمعهم.
اللهم منزل الكتاب، هازم الأحزاب، مجري السحاب، اهزمهم وانصرنا عليهم، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وأنت حسبنا ونعمل وكيل.
اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وارزقنا عند الاحتضار شهادة، وارزقنا بعد الموت جنة ونعيماً.
ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم متعنا بالشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، فإنك على كل شيء قدير.
اللهم من أرادنا والإسلام بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام بشر فاجعل كيده في نحره، وأهلكه كما أهلكت ثمود وفرعون.
اللهم انصر دينك في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم.