[الرد على أهل البدع في أدعيتهم المخترعة والأحزاب والأوراد الموضوعة]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فيا أيها الإخوة الكرام الأحباب! إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بتلك الفتن التي تعرض على القلوب يوماً بعد يوم، ففي الحديث الصحيح: (فتن كقطع الليل المظلم، يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل)، ولما شكوا إلى أنس بن مالك ظلم الحجاج بن يوسف في عهد الدولة الأموية قال لهم: (لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه)، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.
ومن ملامح الشر في هذا الزمن الذي نعيشه أن يخرج لنا بين الحين والحين من لا علم له ولا خلق بأوراق توزع، وآخرها تلك الورقة التي دفعت لي قبل الصلاة، فأردت أن أحذر منها تحمل عنوان: حزب النصر، وفيها دعاء، وصلاة ركعتين في جوف الليل، وقراءة حسبنا الله ونعم الوكيل (٤٥٠) مرة، قراءة حزب النصر سبع مرات.
فما هو حزب النصر؟!! إنه ألفاظ ما عرفتها السنة، ومن ألفاظه: اللهم لا تمكن الأعداء فينا، ولا تسلطهم علينا بذنوبنا (حم حم حم حم حم)، ثم قال: اللهم أعطنا أمل الرجاء، وطوق الأمل، (يا هو يا هو يا هو)، من قال لك أن تنادي على ربك بلفظ (هو)؟ هذا من صنع أهل التصوف، الذين يؤمنون بالعلم اللدني، وعلم الخرق، والعلم الباطن وأن هذه الأوراد جاء بها الإلهام والوحي إليهم، أما يكفيكم أن النبي صلى الله عليه وسلم علمكم كل شيء؟ ما ترك شيئاً حتى آداب دخول الخلاء علمكم، حتى عند النوم والطعام علمكم، أما تتقون الله في شرع الله؟ (هو هو) (حم) سبع مرات من أين جئت بها يا عبد الله؟ وأنا أعرف من أين جاء بها، أقول لك: يقول: قابلت الخضر فعلمني إياها، كنت معه بالأمس في اجتماع الديوان الأسبوعي، أو اجتماع الديوان الشهري، أو اجتماع الديوان السنوي، ورئيسة الديوان هي السيدة زينب رضي الله عنها، تلتقي بالأقطاب والأوتاد والأولياء، وفي غار حراء في كل سنة مرة يعرضون أعمال الأمة، ويشرعون لها من جديد، ونحن نردد بما لا نعرف ونسأل الله العافية.
يا عبد الله! إياك ومحدثات الأمور، عليك بهدي نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء يريدون لنا أن نخلع عقولنا، كما يقول الشيخ للمريد: عند دخولك على شيخك اخلع عقلك على عتبة داره، كما تخلع الحذاء من قدمك، ولا تعترض على شيخك مهما قال أو فعل، وكن بين يدي شيخك كالميت بين يدي المغسل.
ولذلك تسمع آناء الليل وأطراف النهار احتفالات الطرق الصوفية، وتنقل الصلاة من مسجد سيدي العارف بالله، ويقرءون الفاتحة، ويأكلون فيها ما لذ وما طاب، نسأل الله العافية، وهؤلاء الجهاد عندهم تمتمة على السبحة، وذكر وتضرع، أما الجهاد في سبيل الله وتغبير القدم، ومعاداة أعداء الله فلا يعرفونه.
يوم أن دخلت فرنسا إلى الجزائر قام شيخهم التيجاني يقول لأوليائه ولأتباعه ورواده: سلموا الجزائر إليهم؛ فقد رأيت في نومي أنني آخذ بخطام فرس جنرال فرنسا، وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا، علموا الأمة الكسل، ونزعوا منها روح الجهاد، وابتدعوا في دين الله ما ليس منه، وأحدثوا تلك الأذكار التي نسمعها، هل في السنة أصل لهذا الحزب المسمى بحزب النصر؟ ولماذا تقول: حسبنا الله ونعم الوكيل (٤٥٠) مرة؟ لماذا لم يكن (٥٠٠) مرة؟ من الذي حدد لك العدد؟ من الذي شرع لك هذا؟ إنها بدع محدثة وأمور جاءوا بها من رءوسهم.
أما نحن فنقول: خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وما لم يكن في عهده دين فلن يكون اليوم ديناً، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم.
قال الشافعي رحمه الله من استحسن فقد شرع.
فلا يجوز لأحد أن يستحسن عبادة ويشرعها للناس من رأسه، فإن الله أكمل الدين وأتم النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً.
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، وجلاء همنا وغمنا، ونور أبصارنا.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعتنا.
اللهم علمنا من القرآن ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا.
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً.
ونعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن دعوة لا يستجاب لها.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وارزقنا عند الاحتضار شهادة، وارزقنا بعد الموت جنة ونعيماً.
اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وخطأنا وعمدنا، وهزلنا، وجدنا، وكل ذلك عندنا، إنك على كل شيء قدير، وأنت حسبنا ونع