للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المهر]

أولاً: المهر، وقد تحدثنا عنه في اللقاء السابق، وخلاصة القول فيه أن الإسلام رفع شأن المرأة وجعل لها ذمة مالية منفصلة، وجعل لها حقوقاً بعد أن كانت المرأة تقتل، وبعد أن كانت تورث كمتاع، وبعد أن كانت المرأة مهيضة الجناح لا اختيار لها، جاء الإسلام ورفع من قدرها، وبين أن لها حقاً في الميراث، وحقاً في الاختيار، وهناك خطأ يقع فيه الكثير بأخذ الأولياء صداق مولياتهم، مع أن الصداق حق للمرأة لا بد أن تملكه، ولا يكون لولي الأمر كما يفعل البعض الآن، وأما إذا تنازلت المرأة عن جزء منه لوليها أو لزوجها فلا بأس، لكن لا بد أن تتملك المهر، قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:٤]، فلا بد أن تأخذ المرأة المهر، والإسلام كره المغالاة في المهور، نعم، لم يضع الإسلام حداً للمهر لا أدنى ولا أقصى، ولكن بينا في اللقاء السابق أن المهر إما أن يكون مالاً، وإما أن يكون منفعة مادية أو منفعة معنوية، يعني: يمكن أن يكون المهر ما معك من القرآن، ففي الحديث الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة تريد أن تهب نفسها له، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رجل من الصحابة: يا رسول الله إن لم يكن لك بها رغبة فزوجنيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوجها على ما معك، قال: لا أملك يا رسول إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعطها إزارك وأنت لا تملك غيره! التمس ولو خاتماً من حديد، فذهب الرجل ثم رجع وقال: يا رسول الله لم أجد حتى خاتماً من حديد، فقال صلى الله عليه وسلم: ما معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وكذا وكذا، وعدد ما يحفظ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زوجتك إياها على ما معك من كتاب الله).

وتزوج رجل امرأة بنعلين.

وتزوجت أم سليم أبا طلحة بإسلامه، اشترطت عليه أن يسلم، فالمهر إما أن يكون مالاً وإما أن يكون منفعة مادية أو معنوية، والإسلام نهانا عن المغالاة في المهور التي تكبل الشباب، فيا ليت ولي الأمر يدرك أنه إذا عطل على المرأة الزواج بسبب ثلاجة أو صالون أو سخان أو غسالة فقد عطل حدود الله، وعرض المجتمع للفاحشة، فليتق الله في نفسه، ولييسر حتى ييسّر الله عليه.

وبعض الأزواج يأكل المهر، فإن كان المهر مؤخراً أعضلها حتى تتنازل عن المؤخر، أو يجبرها على التنازل عنه ويضيق عليها بعد أن أفضى إليها بما أحل الله له، ويراوغ ويتحايل ويتملص، والله يقول: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء:٢١]، فليتق الله الذين ينتسبون إلى الإسلام، بل أحياناً إلى الالتزام، ويحاولون أن يتملصوا من حقوق المرأة بالمراوغة وبالحيل الشرعية وغير الشرعية، والبعض يجبرها على التوقيع على ورقة، ويقول لها: وقعي على التنازل عن حقك، يا عبد الله أما تتقي الله في نفسك، أما تعلم أنك تأكل في بطنك ناراً، الصداق حق المرأة بما استحللت من فرجها، كما قال ربنا سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>