جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة وهي نائمة مع زوجها في فراش واحد، فلما علمت به جذبت اللحاف على رأسها، قال:(يا فاطمة! أنا أبوك)، استحيت من أبيها وهي تنام بجوار زوجها.
وجاء في صحيح مسلم:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس يوماً وقد بدا جزء من فخذه، فدخل أبو بكر فظل على حاله، ودخل عمر فظل على جلسته، فلما دخل عثمان عدل النبي صلى الله عليه وسلم من جلسته، وجذب القميص على فخذه، فقالت عائشة: يا رسول الله فعلت كذا وكذا، قال: يا عائشة ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة).
فـ عثمان بن عفان هو الذي أعد ثلث جيش العسرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه:(ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم).
وعثمان على عظم منزلته نجد من يكتب عنه في كتبه ويقول: لقد حابى عثمان أقرباءه وقربهم، ولم يعدل في رعيته، ولم يمتثل خطوات السابقين كـ أبي بكر وعمر، فنقول لهذا الكاتب: اخسأ، فأنت تتحدث عن ذي النورين الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه:(لو كانت لي ثالثة لزوجتها عثمان) من عقيدة أهل السنة في الخلاف بين الصحابة أن نكف عما وقع بينهم من خلاف؛ لأن هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، خطؤهم مغفور، واجتهادهم مشكور، لسبق إسلامهم، وحسناتهم الماحية، قال الله في حقهم:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[المائدة:١١٩]، يقول ابن حزم وابن الجوزي في زاد المسير: كل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في الجنة.
جاء أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وقال لـ عائشة رضي الله عنها:(إني أريد أن أسألك غير أني أستحي، قالت: سل فإنما أنا أمك، قال: ما تقولين في الرجل يجامع زوجته دون أن ينزل، قالت: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مس الختان الختان وجب الغسل)، الختان الأول ختان الذكر، والختان الثاني ختان الأنثى.
إذاً: الأنثى تختن، لكنهم يريدون لها ألا تختتن، أتدري لماذا؟ حتى يرفعوا البقية الباقية من الحياء، يقول ابن القيم: وكان الرجل يعير إن لم تكن أمه مختونة، فيقال له: يا ابن القلفاء، المقصود أن أمك تتطلع إلى الرجال أكثر من غيرها.
ومما أثر من كلام النبوة الأولى:(إن لم تستحي فاصنع ما شئت)، يقول ابن القيم: والحديث يحتمل أكثر من معنى: الأول: تهديد ووعيد: (إن لم تستح فاصنع ما شئت)، فمآلك إلى النار، كذلك قول الله:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت:٤٠]، هذا كلام بمعنى التهديد.
ثانياً: إباحة وأمر، إن لم تستح من الفعل فافعله، يعني: الحاكم على الفعل هو الحياء، فإن لم تستح فاصنع، أما إن استحييت فلا تصنع.