تفسير قوله تعالى:(وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططاً)
قال ربنا سبحانه:{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا}[الجن:٤] أي: جاهلنا إشارة إلى الشيطان، فالجن يقولون عن الشيطان: إنه سفيه، ويقول الله في وصف اليهود:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ}[البقرة:١٤٢].
فالجن تسمي الشيطان سفيهاً، وسمى الله اليهود سفهاء، فلا فرق بين اليهود والشيطان، يقول ربنا:{وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}[البقرة:١٤]، والمقصود بقوله:(شياطينهم) اليهود، ولفظ الشيطان لا يطلق إلى على الجني الكافر، ولفظ الجني عام، فكلمة (الشطن) مأخوذة من البعد عن الحق، شطنت الدار أي: بعدت، فالشيطان من الجن؛ لأن الله قال:{إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}[الكهف:٥٠]، إذاً: هو من الجن بدون أدنى شك، لكنه فسق عن أمر خالقه سبحانه.
فإن قال قائل: كيف ذلك والله يقول: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ}[البقرة:٣٤]، الأمر هنا للملائكة فما دخل إبليس؟ قال ابن عباس: كان معهم في صحبتهم ولم يكن معهم بمادتهم، عند صدور الأمر كان في الصحبة، فلابد أن يطيع أمر الخالق الله عز وجل، والسجود لآدم والطاعة لله سبحانه.
هذا قول ابن عباس.
وقوله:((عَلَى اللَّهِ شَطَطاً)) الشطط: هو القول الذي ينافي الحقيقة، وافتراء الكذب على الله عز وجل، يقول ربنا عن أصحاب الكهف في قوله تعالى:{لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}[الكهف:١٤] أي: أن هذا القول يبعد عن الحقيقة ويحمل الكذب.