قال تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}[القلم:٣٥].
أفنجعل أهل التوحيد كأهل الشرك؟ أفنجعل أصحاب عقيدة السلف كفرق الضلال، وفرق الأحزاب، والجماعات الباطلة؟ أفنجعل الخائن كالأمين؟ أفنجعل الذي يشرك بالله كالموحد؟ أفنجعل الطاهرة المحجبة كالمتبرجة السافرة الهابطة؟ قال تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[القلم:٣٥ - ٣٦]، أليس لكم عقول؟ كيف تظنون هذا الظن؟ {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}[القلم:٣٧]، هل أنزل الله عليكم كتاباً فيه أن المسلم كالمجرم، {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ}[القلم:٣٨]، هل هذا الكتاب الذي بأيديكم يخبركم أن هؤلاء كهؤلاء؟ {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا}[القلم:٣٩]، عهود ومواثيق عند الله سبحانه مؤكدة يوم القيامة أن المسلم يكون كالمجرم، الله لا يخلف العهد {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ}[القلم:٣٩] أي: هذا الحكم الذي قلتم به، هل عندكم به عهود ومواثيق من الله عز وجل.
{سَلْهُم أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}[القلم:٤٠ - ٤١] والمعنى: هل هناك من يكفل لهم أو يضمن لهم هذا القول الذي يقولون به، أم شركاؤهم قالوا لهم هذا؟ {فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ * يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[القلم:٤١ - ٤٢]، أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يكشف ربنا عن ساقه يوم القيامة، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة)، وهم الذين كانوا يسجدون في الدنيا، سيسجدون في الآخرة برفق وسهولة، فيأتي الذي كان يسجد رياءً ونفاقاً، ويأتي تارك الصلاة ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً جزاءً لعمله الذي كان يعمله، يقول ربنا سبحانه:{ويُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ}[القلم:٤٢] أي: إلى الصلاة، {فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:٤٢]، أي: في الآخرة، لأنه في الدنيا كان يسمع النداء ويتكاسل ويتباطأ مع استطاعته.