يقول ربنا سبحانه:{إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا}[المزمل:١٢] أي: هذا ما أعده الله للمكذبين: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا}[المزمل:١٢ - ١٣].
{يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا}[المزمل:١٤]، {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ}[المزمل:١١]، في أول الآيات:(ذَرْنِي): اتركني مع أهل التكذيب والإعراض، وانظر حينما يكون الله قد انفرد بهذا الظالم، كما قال الله:{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:٤٤].
قوله:(أُولِي النَّعْمَةِ) أي: أصحاب الترف وأصحاب الفخامة، أمثال: شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأبي جهل، وأمية بن خلف، الأسماء اللامعة في عالم الضلال والكفر، {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا}[المزمل:١١]، أي: موعدهم قريب في يوم بدر، فهو موعدهم جميعاً يوم أن داستهم الأقدام، وسحبوا على وجوههم إلى بئر بدر، ووقف فوق رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبهم:(يا شيبة بن ربيعة، يا عتبة بن ربيعة، يا فرعون الأمة أبا جهل، يا أمية بن خلف، إني وجدت ما وعدني ربي حقاً من النصر والتمكين، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً من الخذلان والتنكيل؟ قال عمر: يا رسول الله أتحدث أجساداً قد ماتت فقال صلى الله عليه وسلم: يا عمر والله ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا يجيبون)، هذا مصير كل طاغية، إن الظالم له نهاية، ونهايته كنهاية هؤلاء، فإن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}[الروم:٥٥].
يقول ربنا سبحانه:{إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا}[المزمل:١٢] أي: قيوداً في أقدامهم: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ}[المزمل:١٢ - ١٣]، أي: طعاماً كريهاً نتناً يأخذ بالحلق فلا يخرج ولا يدخل إلى المعدة، كالشوك، هذه وجبات أهل النار: الوجبة الأولى: الزقوم، {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ}[الدخان:٤٣ - ٤٥].