الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فالحق السابع من حقوق الزوجة على زوجها: العدل، إن جمع بين أكثر من امرأة، ففي الحديث أن من جمع بين أكثر من امرأة ومال لإحداهن وظلم الباقي يأتي يوم القيامة وشقه مائل.
يعني: يأتي يوم القيامة أعوج؛ لأنه لم يعدل في القسمة بينهن، والإسلام أباح التعدد لحكمة شرعية، ولم يبح التعدد بدون ضوابط، وإنما أباحه بضوابط.
قد تختلف المعادلة فيزداد عدد النساء عن عدد الرجال، فكيف نعالج هذه المشكلة؟ لا بد من معالجة، إما أن تعالج بالعشق والزنا، وإما أن تعالج بالزواج الشرعي، ولذلك الإسلام حينما أباح التعدد وضع شرطاً له، قال تبارك وتعالى:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}[النساء:٣]، والعدل هنا في المسكن وفي الملبس وفي النفقة وفي المبيت، أما في الميل القلبي فهذا لا يملكه الإنسان؛ لأنه بيد الله سبحانه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يميل إلى عائشة على سائر زوجاته، حتى إنه كان في آخر حياته وفي حال مرضه يحمل من حجرة إلى حجرة عليه الصلاة والسلام، يتنقل بين حجرات زوجاته إحياءً للعدل، وكان يسألهن:(أين أنا غداً؟)، ففطن إلى أنه يبحث عن ليلة عائشة فأذنّ له أن يمرض في حجرتها عليه الصلاة والسلام.
فانظروا إلى العدل في المبيت، وإن ضاعت على إحداهن ليلة لا بد أن يقضيها كما قال العلماء، لكن أن تعدد وتترك الحابل هكذا دون حقوق، تأتي بأولى ثم بثانية، ظلمت الأولى وظلمت الثانية، وازددت ظلماً على ظلم:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}[النساء:٣].