تفسير قوله تعالى:(وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً)
قال تعالى:{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِه}[الجن:١٣]، وهو القرآن الكريم، {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا}[الجن:١٣]، من ذلك قول الله في سورة طه:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا}[طه:١١٢].
فقوله:((بَخْسًا وَلا رَهَقًا))، بخساً من حسناته، ولا زيادة في سيئاته، فالجزاء العدل التام:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:٣٩]، فللحساب والجزاء قواعد: القاعدة الأولى: العدل التام: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}[الأنبياء:٤٧]، ويقول سبحانه:{لا ظُلْمَ الْيَوْمَ}[غافر:١٧]، هذا هو العدل.
القاعدة الثانية: مضاعفة الحسنات وعدم مضاعفة السيئات، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[الأنعام:١٦٠]، هذا من باب الفضل، فهلاك العبد إذا تغلبت آحاده على عشراته:(وأتبع الحسنة السيئة تمحها).
القاعدة الثالثة: إقامة الشهود على العبد، ولذلك ربنا عز وجل يشهد يوم القيامة كل نبي على أمته، وتشهد على العبد الجوارح، وتشهد الأرض، كل ذلك من إقامة الشهود على العبد.
القاعدة الرابعة: عدم محاسبة أحد بعمل غيره، فكل إنسان يحاسب عن عمله هو:{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}[الإسراء:١٣]، وهذا يسميه العلماء: المسئولية الشخصية، فأنت مسئول عن عملك بين يدي الله، وعمن كلفك الله عز وجل بإعالته أو بنصحه.