المبحث الأول: مواقف اليهود مع المسلمين قديماً وحديثاً:
منذ أن بعث الله سبحانه وتعالى محمداً صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام واليهود يكيدون لهذا الدين ولنبيه، مع أنهم يعرفون أنه رسول الله حقًّا، ولديهم الأدلة على ذلك، كما ذكر الله عنهم أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك كله جحدوا نبوته وأنكروها، وحاولوا النيل من النبي صلى الله عليه وسلم، فحاولوا قتله، وسحروه، ووضعوا له السم، وقاموا بإثارة الفتن بين الأوس والخزرج حتى قال الله تعالى فيهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [آل عمران: ١٠٠ - ١٠١]. وتتبع اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسئلة ليحرجوه، وطلبوا أن ينزل عليهم كتاباً من السماء، وقد هوَّن الله أمرهم على رسوله، فقال: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا [النساء: ١٥٣].
وعندما فشلوا في إثارة الفتن لَبس بعضهم لباس الإسلام؛ ليطعنوا الإسلام باسم المسلمين: وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [آل عمران: ٧٢].
واستمر كيدهم ونشطوا في عهد عثمان، ولبسوا لباس الإسلام بقيادة ابن السوداء عبد الله بن سبأ، وظلوا يؤلبون المسلمين على عثمان بدعوى أنه ليس أحق بالخلافة، وأن انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى يعني انتقال شخصه إلى علي، كما أنتقلت شخصية موسى إلى يوشع، وذهب عثمان ضحية لهذه الفتنة.
وعندما فتح المسلمون الكثير من الأمصار رحب أكثر أهل الذمة من اليهود والنصارى بهذه الفتوح في بلاد العراق والشام ومصر؛ رغبة في الخلاص من الاضطهاد الروماني، حيث عاشوا في ظل دولة الإسلام عيشة أحسن من التي كانوا يعيشونها في السابق مع بني قومهم، إلا أنهم لم يتخلوا عن مكرهم وكيدهم؛ فكلما سنحت لهم فرصة اهتبلوها، وبادروا إليها.
وخلاصة القول: أننا لوا استعرضنا التاريخ الإسلامي لوجدنا أن لليهود دوراً في كل فتنة وحدث يضر بالمسلمين، وإن لم يكن الحدث من صنعهم ابتداءً، لكنهم يوقدونه ولو بعد حين.
وهذا ما جعل بعض الباحثين يذهبون إلى أن اليهود وراء كل الفتن والأحداث.
ولا يشك أحد بأن اليهود عملوا جهدهم- ولا يزالون- في الدس والتفريق بين المسلمين، ومحاولة إفساد عقيدتهم وأخلاقهم؛ فالمحققون يجزمون بأن اليهود هم الذين أنشؤوا التشيع والرفض ابتداءً، وهم الذين بذروا بذور الفرق الضالة كالمعتزلة والجهمية وسائر الفرق الباطنية كالنصيرية، والإسماعيلية، والدروز، والقرامطة، وهم الذين مهدوا للدولة الفاطمية الشيعية وعن طريقها نشر اليهود البدع القبورية، والطرق الصوفية، والأعياد المبتدعة، كعيد الميلاد، والبدع والخرافات التي سادت في عهد الدولة الفاطمية، ودولة القرامطة وما بعدها.
ولما ظهرت القاديانية، والبهائية أيدوها ثم احتضنوها.