للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: اليعقوبية:]

أصحاب يعقوب، قالوا بالأقانيم الثلاثة إلا أنهم قالوا: انقلبت الكلمة لحما ودما، فصار الإله هو المسيح، وهو الظاهر بجسده بل هو هو.

وعنهم أخبرنا القرآن الكريم: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:٧٣]

(١/ ٢٢٥) فمنهم من قال: إن المسيح هو الله تعالى. ومنهم من قال: ظهر اللاهوت بالناسوت، فصار الناسوت المسيح مظهر الجوهر، لا على طريق حلول جزء فيه، ولا على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة، بل صار هو هو، وهذا كما يقال: ظهر الملك بصورة إنسان. أو: ظهر الشيطان بصورة حيوان. وكما أخبر التنزيل عن جبريل عليه السلام: فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا [مريم: ١٧].

وزعم أكثر اليعقوبية أن المسيح جوهر واحد، أقنوم واحد إلا أنه من جوهرين، وربما قالوا: طبيعة واحدة من طبيعتين، فجوهر الإله القديم، وجوهر الإنسان المحدث تركبا تركيبا، كما تركبت النفس والبدن، فصارا جوهرا واحدا أقنوما واحدا، وهو إنسان كله وإله كله.

فيقال: الإنسان صار إلها. ولا ينعكس فلا يقال: الإله صار الإنسان. كالفحمة تطرح في النار، فيقال: صارت الفحمة نارا. ولا يقال: صارت النار فحمة. وهي في الحقيقة لا نار مطلقة، ولا فحمة مطلقة بل هي جمرة، وزعموا أن الكلمة اتحدت بالإنسان الجزئي لا الكلي، ولربما عبروا عن الاتحاد بالامتزاج والادراع، والحلول كحلول صورة الإنسان في المرآة المجلوة

المصدر:الملل والنحل للشهرستاني – ١/ ٢٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>